تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
تتواصل الأزمة السياسية في تونس بعد أن أخذت طابعا دستوريا و ليس سياسيا فقط فالفصل 89 من الدستور حمال أوجه وفيه أكثر من تأويل و كشفت هذه الأزمة الفخاخ التي تضمنها الدستور بسبب الهواة والأنطلاق من “الورقة البيضاء” و كأن تونس لم تعرف في تاريخها كتابة الدساتير من دستور قرطاج إلى دستور أحمد باي في القرن التاسع عشر إلى دستور 59 لكن أصرار الترويكا أنذاك على الأنطلاق من ورقة بيضاء كان هدفه الأساسي تحطيم الأسس التي بنيت عليها دولة الأستقلال.
لقد فجرت الأزمة السياسية و الدستور ية العلاقات بين حلفاء الأمس فالشاهد الذي تخلى عن الباجي قائد السبسي و أحتمى بحركة النهضة أصبح يستهدفها علنا في تصريحاته أمس ردا على أمكانية سحب الثقة منه؛ مما أستوجب تدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي وصل إلى المنيهلة رئيسا بأصوات قواعد حركة النهضة قبل أن تصبح المواجهة بينه و بين رئيسها راشد الغنوشي معلنة.
لقد فضحت هذه الأزمة التي تبدو في ظاهرها حول تشكيل الحكومة و في عمقها حول من يحكم ومن يقرر هشاشة التحالف بين الشاهد و حركة النهضة و قيس سعيد فلا أحد منهم مطمئن للآخر إذ تحولت المعركة بينهم إلى حرب كسر العظام قد تنتهي بحل المجلس و إعادة تشكيل الخارطة السياسية و سيكون فيها هذا الثلاثي أكبر الخاسرين سياسيا إذ أن جزءا كبيرا من الشارع التونسي يعتبر هذا الثلاثي مسؤولا عن الأزمة التي تعيشها البلاد منذ صدور النتائج النهائية للأنتخابات و تنصيب المجلس و رئيس الجمهورية في أنتظار نهاية مسلسل تشكيل الحكومة.
أزمة الحكومة كشفت أيضا الوهم الذي روجت له الترويكا بأنها كتبت أفضل دستور في العالم… فقد تبين أن الدستور ملئ بالثغرات و الأحتمالات المسكوت عنها التي لم يتعرض إليها الدستور. مثل سحب التكليف من حكومة تصريف الأعمال فالدستور لم يتعرض لهذه الوضعية كما أن تأويلات الفصل 89 شتى و لم يتفق أساتذة القانون الدستوري إلى حد الآن على تأويل واحد.
و حركة النهضة التي كان دورها حاسما في كتابة الدستور تجد نفسها اليوم في الزاوية فإذا صادقت على الحكومة ستكون تحت رحمة قلب تونس في تمرير مشاريع القوانين التي ستقترحها و إن رفضت فسيحل المجلس ولن تضمن الحصول على نسبة مقاعد مريحة بسبب تآكل رصيدها الأنتخابي والغضب الشعبي بسبب الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد.
فكيف سينتهي هذا المسلسل المبكي المضحك في نفس الوقت.