الكاتب: البانوسى بن عثمان
استطيع ان اقول منذ البداية بان كل وجه من وجوه التضيق و القمع و الحصارعلى أي حراك بفزان يتبنى قضايا الاقليم الخدمية – في تقديري – فعل يُجانبه الصواب, ليس فقط, لان ما يمارسه هذا الحراك من ضغط على اجسام ما بعد الصخيرات يستهدف توفير مطالب مُحقّة, يترتب على عدم حضورها في الحياتي اليومي داخل جغرافيا فزان مكابدة و معانة تسّحق آدميّة الانسان و تمتهن بها كرامته, داخل هذا الاقليم البائس. بل ان في هذا التضيق و القمع محاولة لخنق الروح التى شرعت في إيقاظ هذا الجسم (فزان) و جعلته يتحسس ذاته و يسّتعيد بها وعّيه المفقود الذي غُيّب عبر العقود الاربعة المنّصرمة. فقد عملت هذه العقود بجد و جهد كبيرين بان تختصر الجنوب الليبيى بكامله, و تخّتزله في مُسمى( سبها ) كخطوة رئيسية في هذا الاتجاه بعدما اعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية لهذه المدينة. و قد نجحت بعد ذلك و على نحو ظاهر و مستفِز لتجعل من سبها اكثر قربا لنيامي و انجمينا و مدن بلدان جنوب الصحراء منها الى بنغازي و الزاوية و براك و مرّزق و كل مدن ليبيا.
و بقول اخر ان كل المحاولات في اصحابها سوى كانوا يعلمون او لا يعلمون و التي في مجملها تسعى للتضّيق على اي حراك نبيل بفزان يهدف الى تبنى قضايا الاقليم الخدمية و الذهاب نحو قمّع هذا الحراك. هي في الواقع محاولات لوأد هذا الوعي الوطني الذي استفاق من غيبوبته فشرع به الاقليم و من خلاله لإعادة ربط و شائجه الطبيعية مع الجغرافية الليبية مع وطنه الام .
فالسلوك المسؤول الذى يعي أهمية هذا الاقليم و بما يخّتزن من مواد طبيعية يجب ان يكون حذرا في التعاطي مع مطالب سأكنى هذا الاقليم المُحفة و لا يجب ان ينحاز الى خندق الشركات البترولية و دولها و يجعل من نفسه لسان و قرّن لها في مواجهة هذه المطالب الوطنية فمن الواجب – في تقديري – ان نحافظ على هذا الاقليم اولا داخل جغرافية ليبيا و لا نذهب في اتجاه خلق البيئة المناسبة لانسلاخه عن الجغرافيا الام فالحقيقة الموضوعية تقول بان ذهاب هذا الاقليم على نحو مباشر او غير مباشر سيذهب بالشركات ايضا, و العكس صحيح .
و بوجه اخر ان أي حراك بفزان يطالب بما قد يخفف وقع الحياة الثقيل على الناس داخل هذا الاقليم البائس هو في الواقع وجه من وجوه التعبير و الاحتجاج و المطالبة السلمية خاصتا عندما تبدو مطالبته هذه مُحقّة و مشروعة لكل متابع منصف فمن واجب السلوك المسؤول, إن وُجد ان ينّصت لهذه المطالب و لا يتغافل عنها ان يُرشّدها لا يقّمعها ان يُجدّرها لا يخنقها و ذلك من خلال احتوائها بالحوار و التعاطي معها على نحو إيجابي معّلن و مكشوف صوت و صورة .
فالذي عايش انطلاقة الانتفاضة مع نهاية شتاء 2011 م و البيئة التي تخلّقت و تشكّلت في رحم بؤسها يعّرف بان من الدوافع الاساسية التي حرّكت الناس في فيفري 2011 م للانتفاض و مواجهة الرصاص باللحم الحي هي المطالبة بحق التعبير و الاحتجاج السلمى بوجهه المتعددة و من هنا يجب احتواء أي حراك يتبنى مطالب وطنية نبيلة من خلال فتح ابواب الحوار معه على نحو بناء و الذهاب في التعاطى مع مطالبه اذا كانت محقة و مشّروعة على نحو ايجابى لان في ذلك خطوة على طريق الالف ميل التي ابتدئها فيفري الانتفاضة مع نهاية شتاء 2011 م .
و في النهاية اقول من غير الصواب التضيق على أي حراك بفزان يرفع مطالب الناس بغّية التخفيف عنهم في هذا الاقليم البائس و من غير الحسن السعي نحو حصاره و خنقه بل يكون من المفيد و الايجابى احتوائه بالحوار و بتفهم مطالبه و التعاطي معها على نحو فعال و منتج لان في ذلك مساعدة لفزان على استعادة وعّيها المغيّب منذ عقود كما بيّناه سلفا و فيه ايضا تأسيس لحق المطالبة بالاحتجاج السلمى المشروع عبر الاعتصام و التظاهر .
امّا الذهاب عكس ذلك بالقمع و الترهيب و التضيق هو فعل لا ينسجم مع انتفض الناس في فبراير و توجهاتها التي جاءت لمحو هذه المفردات من قاموس التداول اليومي لترفع به و من خلاله في منسوب آدميّة الانسان و كرامه التي كانت مغيّبة عنه و لعقود طويلة داخل جغرافية ليبيا .
و اختم بالقول ان محاصرة اي حراك بفران يتبنى مطالب الناس بعيدا عن الفئوية و ما في حكمها ليخفف بحراكه هذا عنهم بعض من اثقال الحياة داخل هذا الاقليم و الذهاب نحو عدم التعاطي معه على نحو إيجابي و بناء. هو في الواقع محاولة من هذه الاطراف, سوى كانت في الداخل او الخارج لتجعل من فزان كالذي قال فيه الشاعر كالعير في الصحراء يقتلها الظماء *** و الماء فوق ظهورها محّلا. .
ولكن هل تقبل فزان بذلك ؟ ! !. .