تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
بحوالي 5 بالمائة من أصوات مجموع المسجلين في القائمات الانتخابية صعد المترشح قيس سعيد إلى الدور الثاني و نظرا لعدم تكافىء الفرص مع المترشح الثاني نبيل القروي الموقوف في السجن و عدم قدرته على الدفاع عن مشروعه السياسي و إقناع الناخبين و مع التوقع بضعف الإقبال في الدور الثاني من العائلة الوسطية خاصة التي يمكن أن تختار القروي فإن مرور سعيد إلى قصر قرطاج يكاد حسابيا و منطقيا من تحصيل الحاصل.
و رغم أن قيس سعيد الذي تقاعد من الجامعة دون أنجاز أطروحته و بقي في أدنى درجة علمية في الجامعة أنتخب من حوالي 19 بالمائة من المقترعين فإن صعوده المفاجىء يطرح أكثر من سؤال و يذكرنا إلى حد كبير و تشابه غريب بصعود المرزوقي إلى قصر قرطاج ب7 الاف صوت فحسب. و انتهت مهمته بحصوله على أقل من 1% من أصوات الناخبين…!!
و الواضح أنه ليس كما أرادوا الترويج له بلا “ماكينة” بل تقف وراءه قوى سياسية وجدت فيه “العصفور النادر” لإستكمال ما بدأه منصف المرزوقي و نفس الخيوط الأجنبية فالذين يساندون اليوم علنا قيس سعيد هم دعاة الفوضى و التطرف من سلفيين و روابط حماية الثورة قبل أن تلتحق بهم حركة النهضة رسميا ممثلة من راشد الغنوشي حمادي الجبالي أمينها العام السابق و منصف المرزوقي و سيف مخلوف و هكذا تكتمل الصورة.
فقيس سعيد ليس إلا الواجهة التي تحمل مشروعا قاومه التونسيون من 2011إلى 2014 و كنا نعتقد أن مشروع تفكيك الدولة أنتهى بصعود قايد السبسي رحمه الله و إستعادة الدولة لهيبتها بعد أن عبث بها الثورجيون إلى الحد الذي أصبح فيه قصر قرطاج بما يحمله من رمزية قبلة الإرهابيين الذين تورط بعضهم فيما بعد في أغتيال الشهيد شكري بلعيد.
إننا أمام فصل جديد من الإجهاز على ما تبقى من الدولة فالمشروع الذي يطرحه قيس سعيد خطير جدا و قد تم أختياره لسهولة تمريره للتونسيين فقد روج له الأعلام منذ سنوات على ا نه شخصية متواضعة و زاهد و نزيه و هذه قد تكون صفات حقيقية فيه لكن السياسة ليست نوايا و ليست نظافة يد فقط بل أستراتيجية و ذكاء و إستباق للأحداث و لا شيئ فيها متروك الصدفة.
فقيس سعيد لازم الصمت إلى حد الآن و رفض الظهور في الإعلام و هو ما يزيدنا شكا في حقيقة المشروع الذي يراد له أن يمرر من خلاله؛ لكن الحوار الذي أجرته معه منذ أيام أسبوعية الشارع المغاربي يكشف عن خطورة مشروعه.
فهو ضد الأحزاب عماد الحياة السياسية في أي تجربة ديمقراطية كالتي تطمح إليها تونس و هو أيضا ضد الجمعيات التي تمثل العامود الفقري لمجتمع المواطنة الذي نطمح إليه و ضد مجلس النواب الآلية التي أسست لها الشعوب منذ الحضارة اليونانية و منذ قرطاج و يحمل مشروعا للحكم المحلي هدفه تفكيك الدولة و خلق كيانات محلية موازية لها و أستعمال آلية اللجان الثورية التي أعتمدت في ليبيا و نحن نرى اليوم ماذا يحدث في ليبيا بسبب غياب مؤسسات الدولة.
لا أحد بإمكانه أن يكون وصيا على خيارات الشعب التونسي لكن لا يمكن أيضا أقناع التونسيين بأن قيس سعيد هو الملاك و عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجديد الذي سينهي معاناة الفقراء و يحقق العدالة لشعب تونس المنكوب أما التغني بجنة الديمقراطية في المطلق فيكفي أن نتذكر الأحتلال الأمريكي للعراق الذي كان شعاره تحقيق الديمقراطية و إنهاء دكتاتورية صدام حسين و نرى كل يوم ما ينعم فيه العراقيون من نعيم ديمقراطي و نتذكر أيضا هتلر الذي قاد العالم إلى كارثة! اللهم أحمي تونس من شر الديمقراطية التي تكون أحيانا كلمة حق يراد بها باطلا!