-
ما نعيشه اليوم هو إرث لسوء التصرف الذي ساد إدارة الشأن العام ..
تونس- اونيفار نيوز لم يحظ قانون المالية الجديد بإجماع أغلب الأطراف الإقتصادية و الاجتماعية والسياسية ، الذين عبروا عن فشله في القدرة على إنعاش الإقتصاد التونسي الذي انهكته الازمات المتمثلة في تداعيات جائحة كورونا ، ناهيك عن الصراع الروسي الأوكراني الذي غير موازين العالم ، فالقانون الذي طال انتظاره منذ فترة ، إعتبره البعض قانونا مجحفا في حق الأفراد و المؤسسات ,والذي أثقل كاهلهم بالضرائب والأداءات الصارمة.
فما هي المخاطر التي ينطوي عليها قانون المالية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ؟ وهل يتوصل غياب الرؤية الاقتصادية والتصور التنموي في الوضع الراهن ؟
وفي هذا السياق قمنا بلقاء مع السيد محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي , التونسي للتعليق على مختلف جوانب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
الحكومات الحالية و القادمة أمام عوائق كبيرة …
أكد متحدثنا أنه لم يكن من السهل إنجاز قانون المالية لسنة 2023، الذي رافقته عدة صعوبات خاصة في ظل الظروف الراهنة ، فأكبر العراقيل التي تواجهها الحكومة الحالية هي تسديد الديون المتراكمة من الحكومات السابقة لها ، والتي حل أجلها في هذه السنة وكذلك الأمر بالنسبة للسنوات الأربعة المقبلة ، إضافة إلى تمويل عجز ميزانية الدولة الذي بلغ 7.497 مليار دينار.
مشيرا أن البلاد تعيش مشاكل إقتصادية كبيرة فتمويلات الخارجية تعتبر موصدة بسبب تدحرج التصنيف الائتماني للبلاد من المرتبة الـ9 إلى المرتبة الـ17 من جملة 21 في سلّم ترقيم المؤسسات الكبرى فهذه المؤشرات تثير مخاوف المستثمرين و تقلص بالتالي من الاستثمارات في تونس ، و الذي يرفع مباشرة نسبة الفائدة بشكل خيالي بالنسبة للقروض المتأتية من الخارج.
أما بالنسبة للتمويلات الأخرى ثنائية أو متعددة الأطراف , مثل البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للإستثمار وغيرها من المؤسسات , ليست ممكنة إذ لم يتوفر إتفاق رسمي مع صندوق النقد الدولي ، فأغلب المانحين يشترطون هذا الإتفاق لضمان إيفاء تونس بتفعيل الإصلاحات الضرورية لإرجاع الإقتصاد في سكة النمو المستدام و توفير موارد ذاتية محلية، وبالتالي لم يعد هنالك تمويل خارجي إلى حد الأن “
الإجراءت الجبائية تحيط بقانون المالية من كل جهة
أضاف سويلم , أن الموارد الذاتية من الطبيعي أن تكون جبائية و غير تداينية ، لحسن تمويل العجز المالي و فوارق النفقات الأساسية في الدولة ، فخدمة الدين العمومي بلغت 30 بالمئة ، وبذلك ستتحول أهداف الدولة إلى خلاص الديون المتراكمة و تصبح غير قادرة على تمويل الإستثمار خاصة و أن تونس لها نسبة إدخار ضعيفة مما يجعل الوضعية الإقتصادية حرجة جدا.
فالاعتماد المفرط على الجباية والزيادة في حجم الميزانية المقررة و التوسع النفقات الدولة بالإعتماد على الدين هو الحل الأخير الذي التجأت له الدولة , لمجابهة للسنوات المقبلة خاصة” و أن الأسواق الداخلية محدودة وغير عميقة “
إذاً يدفعنا الحديث عن الخروج من الأزمة العميقة التي تعيشها تونس اليوم ، إلى القيام بحوار وطني يجمع الفاعلين في المجال الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي ، للنظر في سبل إنقاذ البلاد من هذه الوضعية الحرجة راهنا وفي السنوات القادمة .
شيماء الرياحي