اونيفارالاثنين يكنبه نور الدين بالطيب:يصادف شهر نوفمبر الذكرى الأربعين لتأسيس ملتقى محمد المرزوقي للأدب الشعبي الذي أسسه المرحوم التهامي بلحسن تخليدا لذكرى أستاذه محمد المرزوقي (1916-1981) دون أي استعدادات لتنظيم هذا الملتقى الذي كان ينظم كل عامين باشراف اللجنة الثقافية القومية ولكن بداية من التسعينات أصبح تنظيمه متقطعا وتراجع الأهتمام به بعد أن انضم منصف المرزوقي لمعارضة بن علي وقد كان عدد من المسؤولين في مستوى ولاية قبلي يتحرج من هذا الملتقى لهذا السبب ولكن الملتقى الذي كان متقطعا في عهد بن علي أندثر في عهد الثورة بما فيها سنوات حكم المرزوقي الثلاثة وخلال أثنى عشرة عاما من الثورة لم ينظم الملتقى إلا في مناسبتين فقط !
وفي الحقيقة يتعرض محمد المرزوقي منذ وفاته إلى مظلمة كبيرة فقد مرت مائويته في صمت في الوقت الذي تم فيه الأحتفاء بكتاب ٱخرين يفوقهم انتاجا وعبقرية . فالمرزوقي هو الوحيد الذي جمع بين البحث وتدوين الأدب الشعبي والكتابة للأغنية والمسرح والقصة والشعر كما أغنى الذاكرة الإذاعية بعشرات البرامج وفاق أنتاجه الثمانين عنوانا إلى جانب دوره في التأسيس من مصلحة الادب الشعبي إلى المعهد الوطني للموسيقى إلى المعهد القومي للٱثار إلى فرقة بلدية تونس للتمثيل إلى مهرجان الصحراء الدولي .
والمظلمة التي يعانيها المرزوقي ليست على المستوى الوطني فقط بل حتى في مسقط رأسه دوز لا يوجد نصب تذكاري يخلد اسمه مثلما هو الحال في مدن أخرى أحتفت بأعلامها . لكن كل هذه المظالم لا شيء أمام المظلمة التي تعرض لها عندما تم أصدار ما سمي بموسوعة الشعر الشعبي في عشرة أجزاء وهي في الحقيقة ليست أكثر من إعادة صياغة مع كثير من الخلط لما تركه المرزوقي .
واليوم أعلن عدد من المفتونين الجدد بالادب الشعبي عن مشروع “تدوين “للأدب الشعبي ستموله الوزارة بحوالي نصف مليار في الوقت الذي ترك فيه المرزوقي ما يكفي إذ لم يترك شاعرا شعبيا واحدا لم يدون ما كتبه سواء منه مباشرة أو من بعض أقاربه الذين يحفظون أشعاره . على وزارة الثقافة أن تنتبه لعملية السطو المنظم التي تقوم بها بعض الجمعيات على التراث الشعبي وان تعيد الروح لمصلحة الادب الشعبي بل لابد من تطويره وتحويلها إلى إدارة تشرف على هذا التراث الذي يمثل الذاكرة الجماعية للتونسيين عوض أن يكون نهبا لعديمي الموهبة والمتطفلين !