أزمة و احتقان تاريخي لم تشهده الوكالة منذ تأسيسها…
انفض مجلس التأديب في وكالة تونس إفريقيا للأنباء اليوم الجمعة دون اتخاذ عقوبات ضد أربعة من الصحفيين تمت إحالتهم على المجلس بقرار من الرئيس المدير العام للوكالة رشيد خشانة و سجل المحامون الحاضرون للدفاع عن الصحفيين عدم قانونية انعقاد المجلس و طلبوا من الرئيس المدير العام الرد على هذا المعطى. و لا يعرف إن كان المجلس سينعقد مجددا أم أنّه سيرفع تقريرا للرئيس المدير العام بالعقوبات المقترحة لإقرارها أو تعديلها.
منطلق الأزمة …اتهام رئيسة قسم في الوكالة بالفساد الإداري و تشهد وكالة تونس افريقيا للأنباء منذ أيام حالة من التوتر و أجواء مشحونة تنذر بالتأزم في كل حين و هي ترتبط في الأصل بالعلاقات المهنية بين مجموعة من الصحفيين.
و تعود أطوار الأزمة إلى نحو سنة خلت حيث توتّرت العلاقة بين رئيسة قسم في دائرة الأخبار العالمية و عدد من الصحفيين و قد اشتكوا بها إلى الإدارة العامة السابقة و الحالية بتهمة شبهات فساد إداري من ذلك استغلال خطتها الوظيفية للتغيب المطوّل عن العمل دون مبرّر.
و أصدر الصحفي بوكالة الأنباء العمومية منير السويسي بيانا منذ نحو أسبوعين تضمّن تعمد هذه المسؤولة ارتكاب عدد من التجاوزات الإدارية في حق الصحفيين الذين اتهموها بشبهة الفساد و طلبوا من الإدارة فتح تحقيق في الغرض.
صمت الإدارة عن التجاوزات حتى حلول العدل المنفذ بمقر الوكالة غير أنّ الإدارة السابقة تحت اشراف لطفي العرفاوي و الحالية تحت إشراف رشيد خشانة لم تتعامل بالشكل المستوجب مع هذه التجاوزات حسب نص البيان الذي نشره منير السويسي و منحت حماية تكاد تكون مطلقة للمسؤولة. و هذا ما شجعها على التشفي من زملاءها حتى جاء يوم 19 مارس الماضي الذي شهد تطوّر الأزمة حيث اطلع الصحفيون المتظلمون من رئيستهم المباشرة على نص و شكاية رفعها زميل لهم و هو من قدماء جريدة الحرية التابعة الى التجمع المنحل، إلى رئيسة عن طريق رسالة بالميسانجر و اتهم فيها خمسة من زملائه في القسم بالتسيب والتخاذل و الغياب غير المبرر عن العمل . واستدعى الصحفيون “المتهمون” عدلا منفّذا إلى الوكالة لمعاينة الوشاية على الحاسوب، و كانوا أربعة يومها حيث الخامس كان خارج أوقات الدوام.
و رفض الرئيس المدير العام للوكالة رشيد خشانة هذا التصرف و وجه استجوابات إلى الصحفيين كانت متوائمة مع نص الوشاية ما يعكس أن الإدارة تتبنى موقف الواشي و المسؤولة عن القسم التي يتهمها الصحفيون بكونها حرّضت على هذه الوشاية.
و قرر الرئيس المدير العام احالة الصحفيين الأربعة على مجلس التأديب إحالة على مجلس التأديب على خلفية انتقاد عمل الرئيس المدير العام و طريقة ادارته للوكالة.
و يقول عدد من العارفين بشؤون وكالة تونس إفريقيا للأنباء أن السبب الخفي للإحالة على مجلس التأديب يتجاوز استدعاء عدل التنفيذ لمعاينة نص الوشاية على الحاسوب و إنما يعود إلى الحرج الذي يشعر به الرئيس المدير العام الحالي رشيد خشانة من الانتقادات التي يوجهها له عدد من الصحفيين في الوكالة و منهم من هو محال على مجلس التأديب و التي يآخذونه فيها على طريقة إدارته لهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة و تعمّده التدخل في الخط التحريري من أجل تدجين الوكالة و وضعها في خدمة أجندات سياسية معلومة وفق مضمون البيان المشار اليه أعلاه.
و هو بيان يذكر بوضوح أن الرئيس المدير العام للوكالة رشيد خشانة قد لقي مساندة رفيقه السابق في الحزب الديمقراطي التقدمي (الحزب الجمهري حاليا) اياد الدهماني الناطق الرسمي باسم الحكومة و من أقرب المقرّبين لدائرة رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدافعين عن أدائه و برامجه و مواقفه السياسية. و قد يكون اياد الدهماني وراء تعيين رشيد خشانة رئيسا مديرا عاما لوكالة تونس افريقيا للانباء في 5 ديسمبر 2018.
صمت نقابة الصحفيين ودعم الحكومة للرئيس المدير العام رشيد خشانة و يستغرب عدد من صحافيي الوكالة و آخرون من خارجها صمت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن ما يحصل حاليا في هذه المؤسسة و التي قد تكون اعتبرته شأنا داخليا.
و يعتبر البعض ان صمت النقيب ناجي البغوري يعود إلى كون احد الصحفيين المحالين على مجلس التأديب قد انتقد أدائه أو مواقفه كنقيب. و يبدو أن الرئيس المدير العام لوكالة تونس افريقيا للأنباء رشيد خشانة قد عبر عن تأييده لتقديم الصحفيين لوشاية بزملائهم، إذا ما تعلق الأمر بغياب عن العمل أو تسيب.
و يرى عدد من ابناء الوكالة أن هذا التأييد يحمل في طياته دعوة إلى توتير العلاقات المهنية داخل هذه المؤسسة الإعلامية و احداث شرخ بين العاملين فيها وخاصة من الصحفيين، و هو سيؤدي إلى انخرام المناخ الإجتماعي في الوكالة و سيؤثر على ادائها و وظيفتها كمرفق عمومي مستقل عن السلطة.
و للتذكير فإن رشيد خشانة الرئيس المدير العام الحالي لوكالة تونس افريقيا لأنباء ترأس تحرير مجلة الموقف التابعة إلى التجمع الاشتراكي التقدمي الذي أصبح فيما بعد الحزب الديمقراطي التقدمي قبل ان يتخذ تسمية الحزب الجمهوري و كان من الناشطين ضمن هذا الحزب الذي سبق أن انتمى إليه رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعدد من المقربين إليه ما يجعل رشيد خشانة يحظى حسب المراقبين بحصانة حكومية.
و يدعم الرأي القائل بأن تعيينه على رأس الوكالة و قد تجاوز سن التقاعد أمر يحمل خلفيات غير بريئة.
كما يذكر ان الرئيس المدير الحالي رشيد خشانة تميز بمساهماته الصحفية مدفوعة الأجر في و تساؤل إعلام محسوبة على الاخوان و تحديدا الجزيرة و هو ما يثير تساؤلات خطيرة حول إستقلالية هذا المرفق العمومي الحساس و هي وضعية لم يسبق ان شهدتها و كالة تونس افريقيا للأنباء حتى في “العهد السابق”…!!؟؟