- خلفيات تعيين مديرا جديدا للانتاج و امكانية عودة فارس لزهر مدير القناة الأولى
أجرى رئيس مدير عام مؤسسة التلفزة التونسية محمد الأسعد الداهش في وقت متأخر من نهار أمس الإثنين تعيينات جديدة شملت وحدة الإنتاج و المصالح المشتركة في المؤسسة . و استغرب كثيرون من تنحية ايهاب الشاوش المكلف بإدارة الإنتاج في التلفزة التونسية و تعيين عصام بن منصور بدله و هو من الكوادر الإدارية و ليست له تجربة تذكر في الانتاج أو هي تجربة قصيرة في قناة 21 في تسعينات القرن الماضي و ابتعد منذ سنوات عن هذا المجال و لم تعد له به صلة. التخلي عن شركاء الماضي وتغييب الكفاءات.
وتساءل عدد من أبناء الدار عن سبب اقصاء كفاءات لها خبرة طويلة في مجال الإنتاج عموما و الدرامي خصوصا . و يعتبر البعض أن رئيس المؤسسة الحالي يتفادى التعويل على أصحاب الخبرة و التجربة في أي مجال كان في العمل التلفزي . في حين يرى البعض الآخر أن المكلف الجديد بوحدة الانتاج التلفزي قادر على تقديم تصورات لتطوير الإنتاج في المؤسسة.
و بعيدا عن مسيرة المكلف الجديد بوحدة الإنتاج التلفزي فإن ما أثار الاستغراب أكثر هو سبب التخلي عن ايهاب الشاوش الذي يتولى منذ عدّة شهور مسؤولية إدارة الإنتاج في التلفزة التونسية . و يجد الإستغراب مبرّره بعد موجة الرضاء التي عبرت عنها التلفزة في مناسبات عديدة على الإنتاجات الرمضانية لهذا العام ،و تباهي المؤسسة بحصول مسلسل المايسترو مثلا على عدد من الجوائز من مؤسسات إعلامية لا تخضع بالضرورة إلى مقاييس جدّية .
هنات في الانتاج التلفزي الرمضاني. من حيث المحتوى و التنفيذ. و يرى عدد من المتابعين لشأن التلفزة أن مسلسل المايسترو غطى في الحقيقة على هنات كبيرة في الإنتاجات التي قامت بها التلفزة رمضان هذا العام و خاصة سلسلة زنقة الباشا التي لم تكن في المستوى المرجو منها ،و تحولت من سيتكوم الى ما يشبه الدراما الكوميدية و لكنها لم ترتقي إلى استحسان الجمهور و لم يرد ذكرها في المسابقات التي نظمتها بعض وسائل الإعلام حتى و لو تكن تخضع كما ذكرنا إلى مقاييس احترافية .
كما أن ما يسمى بالكاميرا الخفية التي قدمتها القناة الوطنية الأولى تحت عنوان “سمايليس” كانت رديئة إلى أقصى الحدود بل هي ضحكت على ذقون المشاهدين. و حتى مسلسل المايسترو فلم يكن حوله اجماع رغم قيمته الفنية و طرافة الموضوع و خصوصا من حيث الأداء الباهت لبعض الأسماء المعروفة التي لم تتأقلم مع الشخصيات التي أدتها. و لكن حسب البعض فإن تنحية ايهاب الشاوش تعود أساسا إلى طريقة إدارة هذه الانتاجات التي تكلفت على المؤسسة بأكثر من ثلاث مليارات و نفذت أغلبها شركات انتاج و لم تتولاها التلفزة بمفردها. و ما يثير الاستغراب أكثر هو العلاقة التي تربط ايهاب الشاوش برئيس المؤسسة محمد الأسعد الداهش لما كانا يشتغلان بصفات مختلفة في القناة التلفزة اللبنانية ANB في مكتب تونس تحت غطاء وكالة الإتصال الخارجي قبل الثورة و التي كانت تروج بالأجر المدفوع لسياسة نظام بن علي و قد سبق وان تولى برهان بسيس ادارة مكتبها في تونس لفترة من الزمن.
أخلاقيات التعيين الإداري و امكانية توزيع الأدوار تحسبا للانتخابات المقبلة ويرى بعض المطلعين عل مجريات الأمور في التلفزة ان هذه التنحية لا تعدو ان تكون توزيع أدوار داخلي تحسبا للانتخابات التشريعية و الرئاسية المقبلة حيث سيكلف الشاوش ببرنامج سياسي اقترحه للشبكة البرامجية الجديدة و سيكون محوره الانتخابات المقبلة وفق “خط تحريري” سيرتب لاحقا.
و مهما يكن من تبريرات و تأويلات لأسباب التغيير الحاصل في مستوى ادارة الإنتاج بالتلفزة التونسية فإن عددا من المتابعين للتلفزة و أمورها ينتقد توقيت التسميات الأخيرة حيث جاءت عشية عطلة عيد الفطر المبارك و صدرت في وقت متأخر من الدوام الإداري ليوم الإثنين و لم يكن لها موجب الإستعجال و يمكن ان تأثر على سير العمل التلفزي في فترة العطلة خصوصا و أنها شملت أيضا ادارة المصالح المشتركة التي قرر فيها رئيس المؤسسة اعادة المسؤول السابق عنها بعد أن سبق له و أن أقاله منذ أشهر نتيجة انقطاع الكهرباء عن البث و تحميله المسؤولية فيما جرى و لكن التحقيق المجرى في تلك الحادثة بين عدم تحمله المسؤولية.
و يرى اصحاب هذا الرأي انه ليس من الأخلاقيات الإدارية اجراء تعيينات غير مستعجلة ليلة عطلة عيد الفطر أو أي مناسبة أخرى يكون فيها الفرح العائلي مسيطرا على الجميع فينغص بتنحيات في غير موعدها. و يرى هؤلاء ان الرئيس المدير العام للتلفزة محمد الاسعد الداهش يدرك ذلك و لكنه تعمد اصدار تعييناته في هذا التوقيت و بعد نهاية الدوام الإداري حتى لا تثير جدلا داخليا.
و يتساءل كثيرون عن استمرار الرئيس المدير العام للتلفزة في عدم تعيين مدير للقناة الوطنية الأولى بعد أن أقال في بداية شهر رمضان المبارك محمد فارس الأزهر بعد بث البرنامج الديني المادح لبن علي في اليوم الأول من الشهر .و يعتقد آخرون ان الرئيس المدير العام قد ينصف محمد فارس الأزهر بعد أن أثبتت التحقيقات الإدارية المجراة في الموضوع عدم تحمله أي مسؤولية فيما حصل ،و ان الوضع كان نتيجة اخلالات عامة في تسيير المؤسسة يتحمل منها الرئيس المدير العام نصيبا وافرا نتيجة عدم قدرة واضحة على تنفيذ ما قد يكون برنامجا لإنقاذ المؤسسة قدمه الى الهايكا بدعم خارجي رغم سيرته الذاتية المتضمنة لرئاسة شعبة التلفزة التابعة الى التجمع الدستوري الديمقراطي و اشتغاله في الدعاية التي كانت تقوم بها وكالة الاتصال الخارجي لبن علي و انتمائه الى قناة تلفزة ليبية مشبوهة في تركيا بعد الثورة.
و يرى آخرون ان محمد الاسعد الداهش لا يمكنه اتخاذ قرار في تعيين مدير جديد للقناة الوطنية الاولى دون الرجوع إلى أولي الأمر الذين تضافرت جهودهم ليكون رئيسا مديرا عاما للتلفزة.