-
أي حرب ضد الصحفيين… لا ينتصر فيها إلا الصحفيون…
تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
يبقى مشهد اقتحام وكالة تونس أفريقيا للأنباء (TAP) أمس من أخطر الحوادث العالمية في الإعتداء على الصحفيين و لن ينسى من ذاكرة التونسيين والشارع الثقافي والإعلامي. فلا بورقيبة ولا بن علي رحمهما الله -رغم كل ما يصفان به من محاصرة الإعلام وقمع الحريات- تجرأ على استنفار عشرات سيارات الشرطة والأعوان لتنصيب مدير عام لمؤسسة اعلامية رفضها الصحفيون مثلما فعلت حكومة هشام المشيشي رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة.
فمشهد سيارات الشرطة وقوات التدخل والضباط بنجومهم اللامعة على الكتفين وكأنهم في عملية أستهداف لارهابيين او مروج مخدرات او قاتل محترف لم يعرفه تاريخ تونس المعاصر في التعامل مع مؤسسة أعلامية تمثل ذاكرة تونس.
لقد كتبت اليوم حركة النهضة وحليفيها ائتلاف الكرامة وقلب تونس وواجهتهم هشام السيسي نهايتهم رمزيا وأخلاقيا وسياسيا.
فقد تناقلت وكالات الأنباء في العالم صورا مخجلة عن اقتحام المدير العام المرفوض كمال بن يونس للوكالة ووصل الأمر إلى حد اصدار الإتحاد الدولي للصحفيين (FIJ) بيانا رسميا ندد فيه باقتحام وكالة تونس أفريقيا للأنباء و طالب الحكومة التونسية بالتراجع عن التعيين.
مشهد لن يمحى من ذاكرة الإعلام في العالم وسيتم أعتماده من بين الحوادث الكبرى في الإعتداء على الصحفيين مثلما يحدث في الدول المعروفة بمعاداة الإعلام.
مرة أخرى يرتكب هشام المشيشي سقطة سياسية… فأي حرب ضد الصحفيين مهما كان سياقها لا يمكن أن ينتصر فيها إلا الصحفيون وقد أخطأ المشيشي مرتين الأولى عندما أختار تعيين بن يونس الموالي بالكامل لحركة النهضة وأحد مناصريها وأقلامها ودون أي تشاور مع مجلس أدارة المؤسسة وأخطأ ثانية حين تجاهل رفض نقابتي الصحفيين والإعلام فماذا سيفعل الآن بعد فضيحة اليوم وهل سيعود غدا كمال بن يونس مدججا بفيلق أمني أكبر ليدخل مكتب المدير العام الذي غادره اليوم وسط وابل من الشعارات والشتائم؟
لقد اختار كمال بن يونس للأسف هذه المواجهة الخاسرة مع أبناء أعرق مؤسسة أعلامية في تونس وذاكرة البلاد وجعل نفسه أداة طيعة في خدمة مشروع حركة النهضة التي تريد وأد كل الأصوات وقتل التعددية والاختلاف وحرية الصحافة. لكنها لم تقرأ التاريخ فبن علي سقط في معركته مع الصحفيين وكانت بداية سقوطه يوم انقلب على المكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين.