-
اليسار دكاكين وهمية لزعامات كرتونية !
أونيفار نيوز – ثقافة نورالدين بالطيب برز الشاعر ابوبكر العموري كشاعر وناشط فاعل في المشهد الادبي بعد سنوات قضاها في العمل النقابي والسياسي السري وخلال السنوات الأخيرة اصدر ثلاثين مجموعات شعرية وهي ” معزوفة الغيم”و “القطار”و” تجاعيد على وجه الكلام”و كتاب: شكري بلعيد من النضال الى الاغتيال.
العموري الذي يعد احد رموز الوطد التاريخيين تحدث ل” أونيفار نيوز “
ألا ترى أن انخراطك في الحياة الثقافية كان متأخرا بسبب التزامك النقابي والسياسي؟هل ندمت على ذلك ؟
لقد كان انخراطي في الحياة الثقافية مبكرا ولكن بطيئا وذلك انني كنت وجيلي نعطي الاسبقية للعمل السياسي والنقابي وهما التزامان يستهلكان الكثير من الوقت والجهد و الطاقة وكنا ايضا نرى ان المسألة الثقافية قد تحسم من خلال العمل السياسي ..ولعل المجموعة السياسية التي انتميت لها في بواكير سني كانت حركة ثقافية اكثر منها سياسية وذلك قد وضحته في كتابي حول الشهيد شكري بلعيد . فقد كنا نستغل نوادي الادب بدور الثقافة لنقوم بنوع من الدعاية للفكر التنويري والعقلانية طبعا مع شيء من التعصب الأيديولوجي …وانا قد نشطت ضمن العديد منها خاصة في قرية تاجروين ومدينة الكاف وبوسالم وجندوبة كما انتميت للجان الثقافية منها اللجنة الثقافية دوار هيشر في التسعينات ..ولكن ظروف العمل السري ومايتطلبه من عدم البروز كان يجعلنا ننشط بشكل بطيء خاصة في الفضاءات العامة مثل دور الثقافة وغيرها ..ولكن بعد 14جانفي سمح لي منسوب الحرية ان ابرز اكثر في الساحة الثقافية وذلك نظرا لميولاتي للإبداع عموما ولايماني العميق بان العمل السياسي دون مشروع ثقافي مؤسس لن ينجح وتلك معركتي داخل الوطد واليسار عموما ..
وقد حاولت جاهدا ان أؤسس مركز دراسات داخل حركة الوطد وبحياة الشهيد شكري بلعيد ولكن موجة المندفعين نحو اللهاث وراء المواقع والمكاسب السياسية قد افشل التجربة وبذلك انسحبت نهائيا من الشأن السياسي وركزت على الجانب الثقافي ورايت ان المعركة الثقافية أهم واجدى وذات اولوية في ترشيد الوعي السياسي والتاثير في الوعي الجمعي حتى نحصن الوطن من التخلف والجهل والظلامية والانتهازية التي عانيناها في العشرية الغنائمية ولازلنا الى الان نرى تبعاتها في البرامج الاعلامية والمسلكيات السياسية وانحدار القيم وانحطاط التعليم …وربي يستر مستقبل اجيالنا القادمة. ..اما عن الندم فربما كنت اضعت وقتا يفيدني كشخص في اثراء مسيرتي من حيث الانتاج ولعلني اتدارك ذلك الان.
كنت فاعلا سياسيا ونقابيا لكن الملاحظ انك شبه ” استقلت ” من كل هذا لماذا
صعب ان يستقيل الانسان من تلبس بالهم الوطني خاصة وتونس اليوم تحتاج الطاقات الحقيقية الصادقة في ظل مانراه من فوضى ولكن اخذت مسافة من السياسة والسياسيين لما رايته من انتهازيات صاعدة واطماع ووصوليات كاذبة وبطولات مصطنعة وقد وثقت مرات كيف ان البعض ينسب لنفسه نضالات قام بها غيره بل وينتحل سيرة ليست سيرته ..كما ان تبئييس الحياة السياسية جعل القوى التقدمية و الوطنية تنساق وراء ملعب الغنيمة وكثرت الصراعات الهامشية فاليسار اليوم دكاكين وهمية لزعامات كرتونية تبحث عن المواقع من خلال الوجاهة ..كما اني بوعي صرت ارى ان الواجهة الاولى لتغيير الوعي هو تكريس ثقافة مقاومة لكل اشكال التبئيس والتيئيس والتطبيع ..ولذلك كرست كل جهدي للحقل الثقافي لاني ارى فيه الحل الاولى للخروج من كل المآزق والاطماع والوعي المنحدر
ماهو تقييمك للوضع الثقافي اليوم بعد أربعة عشرة سنة من “الثورة “؟
للاسف قد تاخر الوضع الثقافي كثيرا عما كان قبل انتفاضة 14جانفي الموجهة ولاصلاحه يتطلب الكثير من التغيير فعودة اللجان الثقافية بالانتخاب تكون اجدى من تمويل الجمعيات الثقافية والذي يذهب اغلبه الى الجيوب الخلفية او الى الواجهات الشكلية ففي احد المهرجانات تم صرف الملايين على إعداد التظاهرة طبعا مع تضخيم المبالغ ولم يستفد اي من المبدعين وبقيت مستحقاتهم عالقة الى اليوم وهذا الوضع يجعل من السمسرة تنفر المبدع عن العمل والانتاج ..اضف إلى ذلك ترسانة القوانين التي تساعد على التحايل واللصوصية وتضارب المصالح فكيف لجمعية ان تكون من موظفي وزارة الثقافة وتقوم بانشطة ثقافية صلب الوزارة ومدعومة منها …هذا معناه استبعاد المبدعين والمثقفين من الفعل الثقافي وشكلنته الى درجة التبضيع والتتفيه …والحديث يطول في هذا الباب اذ لابد من اصلاح ثقافي وحوار مجتمعي يقوم به اصحاب الشأن من خلال مجلس منتخب من المثقفين من مختلف المشارب لوضع مخطط ثقافي متكامل ينهض بالوعي العام ويرتفع بالذائقة في شتى مجالات الابداع
ماهو تقييمك للمنظمات الثقافية اليوم وخاصة اتحاد الكتاب التونسيين بيت الشعر الخ ….؟
الحقيقة ان اتحاد الكتاب كمنظمة تاريخية يفتقد البوصلة فمنذ مؤتمره الاخير لم نر له أثرا سوى اعضاء هيأته المديرة الذين دأبوا على برمجة أنفسهم في الملتقيات و المعارض والسفرات وغياب كلي لاي انشطة في الجهات او لمنتسبيه بل وتوقف مجلة” المسار “التاريخية عن الصدور اما نواديه فقد غاب عنها الكتاب والشعراء وخاصة الاعلام ..ان اتحاد الكتاب في حد ذاته يتطلب انتفاضة لتخليصه من ذهنية الوجاهة والاستثمار …فأين تذهب اموال الدعم واموال دار الكاتب واموال دار نشره ياترى؟وكذلك يتطلب قيادة تعمل على الدفاع عن مصالح الكتاب امام تغول دور النشر و العمل على افتكاك امتيازات لهم من الوزارة تسمح بالابداع الحر دون ضغوط وهذا ايضا ينطبق على جل المنظمات الثقافية الاخرى حتى نخرج من حالة البؤس الثقافي العام والمهرجانات التهريجية الخالية من اي معنى حقيقي لوعي ناهض.