-
الحياة السياسية في حالة أحتضار …والسلفيون عادوا بقوة !
-
الفصل الخامس قد يكون وراء عودة السلفيين القوية
-
الاسلام السياسي يستثمر في الفقر والتهميش
أونيفار نيوز لقاءات – نورالدين بالطيب يمثل الدكتور سالم بوخداجة أستاذ الحضارة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة واحدا من أبرز الاكادميين الناشطين في الشأن العام كما خاض تجربة إذاعية كمحلل سياسي ومهتم بالشأن العام وتحليل الخطاب الديني .
الدكتور سالم بوخداجة تحدث ل“أونيفار نيوز” حول الراهن السياسي ومستقبل الاسلام السياسي.
لاحظت أن هناك عودة للسلفيين وغزو الفضاء العام ماهو تفسيرك لهذا ؟
لاحظ كثير من الناشطين و المواطنين هذه الأيام عودة لافتة للنشاط ذي التوجه السلفي . لقد علقت طالبة من طلبتنا على صورة معلمة منقبة مستغربة ذلك فانهالت عليها التعليقات العنيفة التكفيرية ولاحظ البعض أن الخطاب السلفي ناشط هذه المدة ونشاطه موجه خصوصا للهجوم على العلمانيين و الفكر العلماني يصل إلى حد تكفيرهم. ويبدو هذا النشاط في هذه الفترة لافتا يدعو إلى كثير من الأسئلة. فهل فهم السلفيون الذين اضطروا إلى الاختفاء و الانسحاب مدة بأن الظروف قد تغيرت اليوم و أن الوقت مناسب لكي يستانفوا نشاطهم. هل لهذه العودة علاقة بالانتخابات التشريعية القادمة؟ وهل لكل هذا علاقة بالفصل الخامس الشهير في الدستور الجديد الذي يسمح في تصورنا بمثل هذا النشاط.تبقى هذه الأسئلة دون إجابة قطعية لكن الظاهرة تستدعي الانتباه و الحذر حتى لا نعود إلى مربع التكفير الذي ميز السنوات الأولى بعد 2011.
كيف ترى واقع الحياة السياسية اليوم ؟
هل مازال من الممكن اليوم ان نتحدث عن حياة سياسية.؟
السياسة تتطلب تفاعلا و أخذا و عطاء بين فرقاء سياسيين .لكن المشهد اليوم يمكن اختزاله في سلطة رئيس يفعل ما يريد . يفرض دستورا جديدا كتبه وحده و لم ياخذ فيه حتى برأي اللجنة التي عينها هو. ثم يفرض قانونا انتخابيا فرديا يقصد الأحزاب من المشاركة في الانتخابات التشريعية بفرض ترشحات فردية غير حزبية للانتخابات و منع الأحزاب من ممارسة الدعاية السياسية لمرشحيها إن رشحتهم.
وهذا يعني ضمنيا حل الأحزاب السياسية التي فقدت بهذا القانون سبب وجودها و استمرارها. الحياة السياسية في حالة احتضار رغم وجود من يدافع عن الحق في ممارسة السياسة و العمل السياسي الفعلي.
البرلمان المنتظر لن يكون له تأثير في الحياة السياسية .سيكون برلمانا مكونا من أفراد لا تربطهم رابطة حزبية و لا تجمعهم برامج مشتركة يدافعون عنها. ستتواصل الازمة السياسية و لن تحل بعودة السلطة التشريعية .
الأخطر من ذلك أننا سنجد أنفسنا لأول مرة في تاريخ تونس بعد الاستقلال أمام برلمان بلا نساء. برلمان لا يمثل فيه نصف الشعب التونسي.وهذا هو الإقصاء الأكبر والذي ستكون له تبعات سلبية داخليا و خارجيا على صورة البلاد.
هل انتهى الاسلام السياسي ؟
إذا كان المقصود بذلك أحزاب و حركات سياسية تستعمل الإسلام مرجعية من أجل الوصول إلى الحكم مع ما بين هذه الأحزاب و الحركات من تباين في مدى التعويل على الدين سياسيا.فإن هذه الحركات و الأحزاب من الصعب أن تزول و أن تختفي . هذه الحركات تعمل في المجتمع تنشر فكرها في المجتمع في غفلة من الجميع .
إن المأزق الذي وجدت النهضة فيه نفسها بعد تجربة الحكم الفاشلة طيلة عشر سنوات لايعني نهاية الإسلام السياسي لأن النهضة مكون من مكونات الإسلام السياسي. مازال خطاب الحركات الدينية يؤثر في صفوف فئات اجتماعية محدودة الثقافة و تعيش ظروفا صعبة و لوازدادت قدرتها الشرائية تدهورا .
الإسلام السياسي يستثمر في هذه الفئات ومن الصعب أن يختفي. لكن المهم هو العمل قدر الإمكان على دفع هذا الإسلام السياسي إلى التطور و التمدن و الانسجام مع الدولة الحديثة.
هل هناك مخاطر على مشروع التحديث الذي أرسته الدولة الوطنية؟
استقرار الأنظمة السياسية و الاجتماعية يكون بعد صراع إرادات وقوى اجتماعية- سياسية.وهذا الصراع يومي و دائم و لا يمكن فيه لفئة أن تفرض إرادتها نهائيا. مازالت في أوروبا قوى فاشية ونازية ناشطة عنيفة و مازال هناك ملكيون في جمهوريات عريقة.
طبعا للمثقفين دور هام في هذا الصراع .أقصد المثقفين الذين لهم رؤية مدنية تقدمية.وهم مدعوون إلى نشر أفكارهم و نقد الفكر الديني التقليدي فكر الجماعات المتشددة و بيان تهافته و السعي إلى تقديم قراءة جديدة للدين في ضوء العصر الحديث و نشر هذا الفكر و الدفاع عنه أمام هجمات المتشددين.
لكن على المثقفين الحذر من السقوط في النقد الفلكلوري للظاهرة الدينية لأنها ظاهرة اجتماعية ملازمة للمجتمعات.ونقصد بالنقد الفلكلوري السخرية من الخطاب الديني التقليدي بطريقة فجة.
فهذا الخطاب احتاجته ظروف تاريخية و معرفة مخصوصه.ولم يكن بإمكان الناس قديما أن يفكروا على نحو حداثي قبل الأوان. المهم في نظرنا تكوين نخب من الشباب و تمكينهم من مزاولة دراساتهم و بحوثهم و تشجيعهم على الانخراط في هذا الصراع الضروري للتطور و التقدم.