
تونس -أونيفار نيوز-نشر الصحفي بوبكر الصغير تدوينة تحت عنوان خيانة موثقة: “قوائم التعويض تفضح رموز الكذب الثوري” ننشرها كاملة….
في لحظة وطنية قاتمة، تتكشّف واحدة من أخطر الفضائح السياسية في تاريخ تونس، فضيحة تعرّي الخطاب الأخلاقي الزائف الذي طالما تغنّى به من قدّموا أنفسهم للناس على أنهم مناضلون، حماة للحرية، ومدافعون عن الحقوق و الكرامة والعدل الاجتماعي.
ما نشره الناقد و الكاتب الأستاذ أنس الشابي لم يكن مجرّد وثائق، بل هو زلزال سياسي وأخلاقي، يكشف عن لوائح تعويضات ضخمة قُدّمت وصُرفت في صمت، لصالح من ادّعوا يوما أنهم ضحّوا بالغالي والنفيس من أجلنا ، من اجل الشعب.
ملفات مظلومية لم يكلّف أحد نفسه حتى بالتحقّق من صدقيّتها، تم تمريرها في غرف مظلمة، بعيدا عن أعين الشعب والدولة، ليتقاضى أصحابها مبالغ خيالية تحت غطاء النضال ، بينما الشعب يُطحن تحت الأزمات.
شعارات العزّة والكرامة التي كانت تُردد على المنابر، و الانتصار للفقراء و المستضعفين و المهمّشين ، و للعمال و الكادحين التي رُفعت في الساحات و البطاحي و الشوارع و داخل هيئات و منظمات ، تكشّفت عن وجوه جشعة هرعت إلى صناديق الدولة لتقبض الثمن… لا ثمن التضحية، بل ثمن الخديعة !.
كيف لنا أن نصدّق بعد اليوم من يزعم أنه يضحّي بحياته من أجل هذا الشعب، بينما قبض ثمن نضاله دون حتى أن يشعر بالخجل؟ كيف نثق بمن جعلوا من الوطنية سلعة تباع وتُشترى؟ من يتاجر في الدمعة، ويصوغ الذاكرة على مقاس فواتير التعويض؟
إنها ليست فقط خيانة للشعب، بل خيانة للقيم، وللمعاني التي قُدّست في ذاكرة التونسيين لعقود. المناضل الحقيقي لا يُساوم، ولا يطلب مقابلا على مواقفه، ولا يمرّر ملفه في جنح الليل إلى شباك الصندوق الوطني لهيئة لا حقيقة و لا كرامة و ليقبض ثمنا بخسا من دم الشعب على حساب معاناة الملايين.
الشعب اليوم أمام مفترق طرق: إمّا أن يواصل تصديق الخطابات الكاذبة، أو ينهض ليقول كفى… كفى نفاقا، كفى متاجرة بالآلام، كفى تسلّقا على ظهر وطن جريح.
التاريخ لا و لن يرحم، والعار لا يغسَل بالبلاغات الصحفية. ولعل ما كشف اليوم، ليس سوى قمة جبل الجليد …
فللخيانة أثر الصاعقة، حتى عندما تتوقف يبقى دمارها ظاهرا.
لقد علمتني حياة الكتابة أن أرتاب من الشعارات ، فأكثرها شفافية غالبا ما تكون أكثر خيانة.