يبدو ان التاريخ يعيد نفسه للشعوب و الأمم التي لا تقرأ الدروس و لا ” تستيقظ ” في الوقت المناسب. فكما قرأ داوود ” زابوره” و ” مزاميره” دون ان ينتبه قومه لأنهم كانوا مهتمين بما لا يعني فإن البيان الذي أصدره البارحة البنك المركزي التونسي لم يجد لحد الآن الآذان الصاغية رغم أهمية و خطورة ما فيه. هناك أمران يتعين التذكير بهما رغم أنهما ” بديهيان” للغاية في زمن التناسي المتعمد.
البنك المركزي مؤسسة مستقلة و بعيدة عن ” التجاذبات” و ” الحسابات” السياسية و ” السياسوية” تخضع في ما تبديه من رأي للارقام دون سواها و لمنطق دولي لأن الإقتصاد التونسي مرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد العالمي و اما الأمر الثاني فهو ان البنك المركزي لم يسبق ان دق ناقوس الخطر بالدرجة التي قام بها البارحة و هو ما يعني أنه لم يتأخر منذ سنوات في لفت نظر ماسكي السلطة بالتدهور التدريجي للأوضاع و الذي تحول في غياب الحلول إلى منزلق خطير يهدد كل التوازنات.
وقد سبق لنفس محافظ البنك المركزي مروان العباسي أن نبه ضمن مداخلة أمام البرلمان يوم 21 ماي 2021 عندما أكد أن “محركات التنمية مضروبة” وأن “تونس وصلت إلى مستوى متدني من الناتج الإجمالي %9- لم تبلغه منذ 1962. وبالتالي لا بد من الاسراع بالدخول في برنامج عملي مع صندوق النقد الدولي”.
و قد جاء بيان البنك المركزي أمس ليؤكد التحذير السابق… بلغة دقيقة و علمية ، من خطر انهيار اقتصادي له ثمنه الباهض اقتصاديا.
الوضعية وليدة سنوات من سياسات استنزاف الموارد و تفكيك مُمَنْهَج القطاعات المنتجة و التلاعب بمصالح تونس لفائدة دول و قوى أخرى واعتماد “التدمير المُنظّم” و هذا ما يتفق حوله الجميع.
واليوم فإن إيجاد الحلول بأسرع وقت هو من اوكد مهام و واجبات رئيس الجمهورية.
فهل سيدرك خطورة الوضع أم ان كل ما في الأمر أننا سننتقل من ” على من تَتْلُو زَابُورَكَ و مَزَامِيرَكَ يَا دَاوود ” إلى ” على من تَتْلُو زَابُورَكَ… و تحذيراتك يا مروان؟؟”.
بن سليمان