تتواصل حالة الأحتقان داخل حركة النهضة بسبب أختيار أعضاء القائمات الانتخابية و بعد عبد اللطيف المكي و عبد الحميد الجلاصي و منية أبراهيم و سيد الفرجاني و لطفي زيتون كتبت عضو مجلس نوٌاب الشعب عن حركة النهضة عن ولاية سيدي بوزيد رسالة مؤثرة على حسابها الخاص على الفايس بوك هذا نصٌها:
“لولا المرارة ما كتبت..
أعلنت انضمامي لحركة النهضة في شهر أوت 2014 و وافقت عن قناعة رغم كل الإغراءات التي قدمها لي آنذاك نداء تونس و بقية كل الأحزاب. أوّل يوم ألتقي فيه قيادة الحركة، كان مع سي علي العريض أمين عام الحزب و نائب رئيس الحركة سي عبد الحميد الجلاصي. تبادلنا الحديث و كنت جريئة في كلامي حتى سي علي إلى الآن يقول لي لن أنس أبدا أول لقاء بك. كنت صريحة جدا. قلت لهما أنا جئت إلى الحركة ليس لأكون مجرد رقم، بل جئت لأقدم الإضافة. في تلك الفترة طبعا طالتني الكثير من التهديدات كما امتد التهديد إلى عائلتي، إلى أن كانت محاولة قتلي يوم 18 سبتمبر 2014 عندما دهستني سيارة،في حادث لم يكن عرضيا، و لا يزال المتهم إلى الآن يقبع في السجن. كان حادثا خطيرا خلف أكثر من خمسين خرزة في الرأس، خرجت جمجمة الرأس من مكانها و كان عدد من الكسور..رغم كل ذلك استمت في اختياري و عشقت الحركة و تبنيت المشروع بكل قوة.
نجحت في الانتخابات، حاولت منذ الأيام الأولى العمل على مشاريع نوعية حتى تكون حركة النهضة مميزة بها على بقية الأحزاب. قدمت 4 مشاريع لرئيس الحركة في شكل كتيبات بها الخطة. تمثلت أساسا في:
1 – الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي حتى يكون في خدمة التنمية و النهوض بالإقتصاد الوطني.
2- مشروع وطني يجمع كل المخترعين و النوابغ
3- مشروع وطني خاص بتشريك كل الشباب و تحفيزهم على الانخراط في الشأن العام.
4- مشروع خاص بجذب المرأة لحركة النهضة حتى تصبح المليون امرأة داخل حركة النهضة.
هذا إضافة إلى إستغلالي الديبلوماسية العلمية و توظيفها على المستوى الدولي لإبراز الصورة الحقيقة لحركة النهضة، و كنت في كل المحطات أتكلم عن الحركة بكل فخر. و الحمد الله تم اختياري لتقلد العديد من المهام الدولية في المنظمات التي تعنى بالبحث العلمي و بالجامعة و بعالم التكنولوجيا.
مع كل ذلك عملت على أن أكون النائبة المنضبطة لقرارات الحركة و لمؤسساتها، سواء في التصويت أو المداخلات بالمجلس. إضافة إلى المجهود الجهوي الذي قدمته، عملت على اختراق كل معاقل التجمع و اليسار عبر تحقيق الإنجازات من إدارات جديدة، دور خدمات، دور ثقافة، مسالك فلاحية و طرقات، ماء صالح للشراب و غيره من الملفات. عملت جاهدة جنبا إلى جنب مع أخوتي في كل المحليات. و بفضل ذلك حققت الحركة تقدما بآلاف الأصوات و هذا ما ترجم في الانتخابات البلدية ماي 2018. إضافة إلى الوقوف مع عشرات المحليات و الإشراف على الكثير من اللقاءات في عشرات المعتمديات.
كان كل ذلك واجبا لأن الأمانة ثقيلة و المسؤولية كبيرة. واصلت العمل بنفس النسق بالرغم من أنني فقدت ابني الأول في أحشائي بسبب الإرهاق و التعب و بالرغم مما كان من تعتيم ممنهج لمجهودي. بيني و بين نفسي دائما أقول (مش مشكل المهم الضمير مرتاح).
حين قربت المؤتمرات الانتخابية في الأول لم تكن لي نية الترشح، لكن تواصل معي إخوة من أغلب المكاتب ليقولوا لي يا دكتورة أنت مرشحتنا لا تتركيننا في وسط الطريق بعد النجاح الذي حققته الحركة بالجهة. قبلت بتقديم الترشح، مع العلم هذه أول تجربة انتخابية أخوضها لأن في التجربة الأولى كان انتدابا مباشرا. مع تقديم ترشحي بدأت حملة ممنهجة بتشويه وصلت إلى تقديم تقارير كاذبة و ترويج الكثير من المغالطات صدمت بذلك إلى أن وصلت الدرجة بإرسال عضو مركزي إلى سيدي بوزيد لمقابلتي و تهديدي إن لم أسحب ترشحي مقابل تعهد بمنصب وزاري في الحكومة المقبلة.
حقيقة صدمت من كل ذلك وكنت أتساءل هل هذه حركة النهضة التي اخترتها؟ هل هذا الحزب الذي اخترته وعموده الفقري الأخلاق و القيم؟ لم أجد حلا أمامي غير مقابلة رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي فأعلمته بما يجرى من هرسلة و ضغط و تلفيق تهم. كانت إجابته “بنتي حياة أنت قيمة مضافة وثابتة لحركة النهضة فلا تتأثري بذلك”. خرجت مطمئنة بهذه الكلمات التشجيعية. فشاركت في المؤتمر الانتخابي لانتخاب القائمة التشريعية الأولية. تحصلت على 139 صوتا مقابل 103 صوت للمرتبة الثانية. عدت بعدها إلى العمل لكن بسبب كل ذلك الضغط مع برودة حادة مرضت و أقمت بالمستشفى لمدة عشرة أيام، طيلة فترة إقامتي لم يزرني أيّ قيادي، بالرغم من أنني مقيمة بمستشفى شارل نيكول قريبا من الجميع، و الجميع يعلم.
لم يزرني إلا زملائي من أساتذة جامعيين و أطباء إضافة إلى أخوتي من الرقاب، سيدي بوزيد الغربية، الدندان، بئر الحفي، المزونة، سيدي علي بن عون، سيدي بوزيد الشرقية و تالة. نواب الحركة زاروني الأساتذة زينب براهمي، فريدة العبيدي، سناء مرسني و الدكتور محسن السوداني و السيدة أمال عزوز و الدكتور عبد اللطيف المكي، و على كل حال أحاول ان أقنع نفسي و أجد لهم أعذارا.
مع هذا الوضع و الضغط النفسي و خلال آخر يوم من إقامتي بالمستشفى يتمّ إعلامي أنني لا أصلح أن أكون نائب شعب و لست موجودة بالقائمة أصلا. قبلت ذلك وهذا قرار مؤسساتي يجب الإنضباط له. لكن ما حازّ بنفسي الإهانة التي ألحقت بي من الحزب الذي اخترته و افتخرت بالانضمام إليه. المشكل ليس في الترشح من عدمه، المشكل في الأذى الذي لحقني من كذب و تشويه أخذه مسلما من قبل قيادة الحركة.
في هذه اللحظات تذكرت أن المرتين الوحيدتين اللتين أقمت فيهما بالمستشفى في حياتي كان السبب الرئيسي فيهما هي حركة النهضة. فشكرا لكل قيادات الحركة على هذا الجميل. تمنياتي لكم جميعا بالنجاح و التوفيق.
حياة عمري”