وسط مناخ عام من الأحباط واليأس والمرارة وفي غياب أي أحتفال رسمي وشعبي يتذكر التونسيون يوم الجمعة 14جانفي من سنة 2011 ومغادرة بن علي البلاد في ظروف مازالت محاطة بالغموض وتولي محمد الغنوشي الحكم لساعات ليخلفه فؤاد المبزع لتدخل تونس مرحلة جديدة كانت ومازالت حركة النهضة أبرز عناوينها بعد عام واحد من حكم الدستوريان المبزع والسبسي توليا خلالها تهيئة كل الظروف لتفوز حركة النهضة بالانتخابات بعد حل التجمع الدستوري الديمقراطي وتصميم هيئة أنتخابات على المقاس وقانون انتخابي ونظام سياسي مكن حركة النهضة من الحكم لتدخل البلاد نفقا مظلما كان اعتصام القصبة 2 الذي فرض اختيار المجلس التأسيسي الذي سلّم البلاد لحركة النهضة بعد شيطنة اعلامية وهرسلة قضائية لكل من عمل مع بن علي طيلة 23عاما.
بعد عشر سنوات لم يتحقق انجاز واحد وحتى بعض المشاريع القليلة التي تم إنجازها كانت من مخططات بن علي ويكفي ان نتذكر حجم الديون التي وصلت إلى حوالي 100مليار والتي تمثل حوالي 250 بالمائة و100 الف منقطع عن التعليم كل عام وأرتفاع البطالة وانهيار الدينار ومعدل الجريمة والمخدرات وتفاوض الدولة مع الخارجين عن القانون والرضوخ لارادتهم والأرهاب الذي حصد مئات التونسيين… انها حصيلة ثقيلة عطلت البلاد سنوات إلى الوراء.
ففي الوقت الذي صمت فيه أغلب الذين كانوا فاعلين في مرحلة ما قبل 14 جانفي لأنهم لا يجدون إنجازا واحدا يمكن التباهي بها مازال أنصار حركة النهضة وبعض الثورجيين يتحدثون عن الثورة ذلك أن النهضة هي الوحيدة التي استفادت وحولت الدولة إلى غنيمة إذ تم التعويض لمساجينها باسم تصحيح المسار المهني في أنتظار تعويض اخر مما سمي صندوق الكرامة كما اغرقت الإدارة والمؤسسات العمومية بانصارها وأبنائهم في الوقت الذي يعاني فيه الشباب من خريجي الجامعة البطالة بعد أن اعتقدوا ان الثورة ستمكنهم من الشغل والكرامة.
عشر سنوات حزينة مخضبة بدماء شهداء الأرهاب ودموع الفقراء الذين ازدادوا فقرا مع دولة تواجه خطر التفكك بسبب دستور أعرج ملئ بالمطبات والمتناقضات.
ومن المآسي التي سيذكرها التاريخ في هذه العشرية السوداء الخيمات الدعوية التي تم من خلالها تجنيد آلاف الشبان التونسيين وتدريبهم على السلاح في ليبيا ثم نقلهم إلى سوريا بعد تمكينهم من جوازات سفر وكانت السفارة التونسية في طرابلس تشرف على هذه العملية كما أحتضنت تونس المؤتمر المشبوه بأسم أصدقاء سوريا وقطع العلاقات معها تنفيذا لتعليمات أمير قطر الذي جاء وقتها ليعلم رئيسنا المرزوقي ابجديات المصافحة كما قال في الذكرى الأولى لثورة الجزيرة القطرية.
لقد تحولت تونس إلى بلد مشبوه في العالم وأصبح التونسيون في أوروبا محل توجس وريبة بسبب سمعة بلادنا في سجل الأرهاب سواء في تونس او سوريا او العراق او ليبيا او العمليات الإرهابية في ألمانيا وفرنسا.
صمت الشارع اليوم وحزن التونسيين تلخيص لعشر سنوات من الوهم واختطاف الدولة.