تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
تمر اليوم الذكرى العشرين لوفاة الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة الذي كان رائدا من رواد حركة الأصلاح و التحديث و كان زعيما حقيقيا خلدته أنجازاته ونظافة يده فقد غادر السلطة دون أي ممتلكات لا عينية ولا عقارية ولم يجدوا في رصيده البنكي إلا مبلغا بسيطا لم يتجاوز الثلاثة آلاف دينار.
لقد آمن بورقيبة بشعبه وبتونس التي أرادها ان تكون بلدا حديثا ومتطورا فآمن بالعلم فنشر التعليم وجعله مجانيا و بنى المدارس في الارياف القصية من الصحراء إلى الجبال وجعله أجباريا وألغى تعدد الزوجات و هو أول أجراء ثوري يقوم به حتى قبل أعلان الجمهورية و راهن على الصحة العمومية و على الطبقة الوسطى فأستحقت تونس أن تكون بلدا رائدا و أستثناءا في العالم العربي.
و بعد 14 جانفي بدأت أسطوانة التشكيك في بورقيبة وأنجازاته من الأسلاميين والقوميين خاصة الذين قادوا حملة شيطنة فشككوا حتى في الأستقلال و جعلوا للعدالة الأنتقالية تاريخا مرجعيا وهو 1جوان 1955 تاريخ عودة الزعيم من المنفى ليحولوه إلى “مجرم” تجب محاكمته و فعلا رفعوا عديد القضية ضد الزعيم الذي أخلص لشعبه ونسوا أن الحبيب بورقيبة كان يبني المدارس و المستشفيات و يقود المشاريع الكبرى في محاربة الأوبئة و التنظيم العائلي و لولا هذه السياسات التي قادها الزعيم لما كانت تونس اليوم على ما هي عليه في نسبة التعلم وفي الصحة رغم كل الثغرات التي حدثت بعده في الصحة العمومية إلا أن المرفق العمومي مازال صامدا و الأطباء التونسيون الذين يقودون المعركة اليوم ضد الوباء ليس في تونس فقط بل حتى في أوروبا هم خريجوا المدرسة التي أسسها بورقيبة عندما كانت دول أخرى تكدس السلاح!
لقد قال بورقيبة في أحدى حواراته الكثيرة فيما معناه أنه بنى شيئا صلبا يصعب كسره وأثبتت الأحداث صدق قوله فبعد 14جانفي وخاصة بعد أنتخابات أكتوبر 2011 حاولت حركة النهضة بالتحالف مع الثورجيبن في حزب المرزوقي سيئ الذكر أن تنسف منجزات الزعيم لكنه نهض من قبره ليقود المعارضة التي اسقطت حركة النهضة في 2014 إذ تحالفت القوى الحداثية حول مشروع بورقيبة في حركة نداء تونس لتسقط مشروع الأخوان فرع تونس لكن النصر لم يستمر إذ سلم الباجي قايد السبسي ونجله الحزب لحركة النهضة و كانت النتيجة التي يعرفها التونسيون.
و رغم انتهاء تجربة نداء تونس فإن المشروع البورقيبي لم ينته و لم يمت وسيولد مشروع حزبي اخر او جبهة يكون مشروعها الدفاع و أستحضار وتجديد المشروع البورقيبي وهو المشروع الوحيد الذي يزعج الأسلاميين و حلفائهم.
فبورقيبة بنى مشروعا صلبا لن يموت و في المعركة ضد فيروس بورقيبة نرى يوميا ما تنجزه بنات بورقيبة وحفيداته وأولاده و أحفاده من خبراء وأطباء وصيادلة الذين تخرجوا من المدارس والمعاهد والجامعات التي أسسها الزعيم عندما كانت دولا أخرى تستثمر في إشعال الثورات و تكديس الأسلحة.
رحم الله الزعيم الذي لم يرحل و لن يموت.