-
الوضع اشتد سوءا مما كان عليه يوم 25 جويلية…
تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
مر نهار 25 جويلية بمظاهرات، وهجومات على مقرات حزب حركة النهضة ، وحرق بعضها ، والمناداة بترك الحكم، بما يذكر بما استتبع يوم 17 ديسمبر 2010 من أحداث.
وسواء كانت تلك التحركات تلقائية أو مفتعلة ، كما يقال من البعض اليوم على أحداث الثورة ، فما إن أتي ليل ذلك اليوم حتى خرج رئيس الجمهورية بقرارات فرضت حالة استثناء بتجميد البرلمان وإلغاء الحصانة البرلمانية ، وحل الحكومة.
خرجت مظاهرات التأييد للقرارات المعلنة .
وإذ للمرء أن يتساءل ، هل كانت تلك التظاهرات الليلية تلقائية أو مفتعلة ، فإن الأمور هدأت ، ولم تخرج مظاهرات أحرى غاضبة في اليوم التالي كما كان مبرمجا وفقا لما أعلن في مغرب ذلك اليوم.
جاءت استطلاعات الرأي مؤكدة مساندة شعبية لقرارات رئيس الدولة بنسبة تفوق 91 في المائة.
وبدا قيس سعيد في موقف مريح جدا ، خصوصا وأن غالبية النخبة ، وقفت معه عدا الموقف المؤيد للغالب من الطبقات الشعبية ، فيما البعض القليل من تلك النخبة اعتبر الأمر انقلابا ، ليسارع راشد الغنوشي لركوب الموجة معتبرا أن الأمر مدعاة لتصحيح المسار ، في محاولة لربط الخيوط مع سعيد للخروج من الأزمة بأقل التكاليف والبقاء في موقع الحاكم الآمر الناهي في البلاد
**
اليوم وبعد مرور الشهرين ضاعت الفرصة على قيس سعيد، فرصة نجاح حركته ، التي ينبغي القول ، أنها لم تكن سوى ما يشبه الانقلاب على الدستور ، وكان يمكن أن تكتسب مشروعية ، ممن قاموا بالتنظير لفكرة ما فوق الدستور supra-constitutionnel أمام استحالة تغيير دستوري في أجهزة الحكم وفقا للدسنور القائم ، كما نظر له عدد من إخصائيي القانون الدستوري ، في معارضة مطلقة من آخرين ، سواء من شراح الدستور أو بعض قيادات نهضاوية في إطار تقاسم الأدوار على ما يبدو.
واليوم ونحن في خضم 51 أو 52 يوما على إعلان 25 جويلية ، دون تشكيل حكومة ، ودون اتخاذ خطوات كانت منتظرة ، وربما مقبولة شعبيا ، وإن مرفوضة في عمق الواقع الدستوري ، فإننا نقف أمام أمرين اثنين :
1/ لم يسجل أي اختراق في الجبهة النهضاوية ، وإن أصابها انقسام شديد وتصدع ، فلا يبدو أن قيادتها المؤبدة استفادت من الدرس ، فأبقت على الأقل في جانب منها وهو الجانب المسيطر ، على الغنوشي كزعيم أبدي في الحزب وفي البرلمان فلم يستقل من رئاسة النهضة ولا من رئاسة البرلمان .
وليس هناك ما يدل على أن هناك قوة قادرة على زحزحته.
2/أن قيس سعيد لم يستفد من اللحظة السانحة ، فأبطأ حيث كان ينتظر أن يسرع بتشكيل حكومة وفرض أمر واقع واتخاذ قرارات تمر مر الكرام في خضم مبادرته ، وأعطى الفرصة لمعارضيه ، والمترددين في أن ينظموا صفوفهم ، خاصة ، وأنه وفقا لعدد من المراقبين دفع نفسه بعدم انتهاز الفرصة إلى موقع المأزق الذي لا يعرف أحد كيف يمكنه أن يخرج منه ، فمن يقبل اليوم بتشكيل حكومة في مثل هذا الوضع الضبابي ، أو حتى يقبل بوزارة.
بدون محاولة استشارة القوى الوسيطة ، التي أيدته في البداية، والتي استبعدها لاحقا ، دون أن يكون عقلا مدبرا ولا داهية سياسية .
الاستنتاج أن الوضع اليوم أشد سوء مما كان عليه يوم 25 جويلية ، قبل التحرك الشعبي ، وقبل القرارات التي بدا أنها استجابة لمطالب ذلك التحرك.