-
النهضة “بَاضَتْ” دستورا… وغَدَرَتْ حتى بأبنائها…!!!
-
ما معنى فض اعتصام قانوني، بقوة الدولة التي هي براء من ذلك…!!!
تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
يؤكد المراقبون السياسيون، أن موقع الضحية هو موقع دافع لنجاح من سبق أن تعرض لما يجعل منه ضحية ، أو يوحي بأنه كذلك ، وقد اتفق الملاحظون في البلاد على أن انتصار حزب حركة النهضة ، في انتخابات 2011 ، يعود في جزء كبير منه ، مع أسباب أخرى ، إلى أنها روجت لفكرة ما تعرضت له خلال سنوات الجمر والديكتاتورية والاستبداد ، وهي إذ لم تكن الوحيدة التي تعرضت للظلم والتعسف ، فإن بقية القوى السياسية حتى تلك التي تعرضت للتعسف ربما أكثر حتى من الإسلاميين ولمدة أطول بكثير ، تصرفت بطفولية بعيدة عن الحرفية ، وفي إطار من قلة المعرفة بأصول العمل السياسي المنظم.
وقد كان واضحا منذ ما قبل نصف سنة 2011 ، أن النهضة سيكون لها قصب السبق في الانتخابات التي كانت مقررة لبداية لشهر جوان 2011 ، وتم تأخيرها إلى أواخر العام بسبب عدم جاهزية أدوات تنظيم الانتخابات.
وإذ انتهت تلك الانتخابات التأسيسية وبواسطة طريقة اقتراع مناسبة لطبيعة الهدف ، أي انتخاب مجمع للتأسيس وليس للحكم ، وعلى مدى سنة ، فقد استمرأت النهضة بأغلبية تقارب 90 نائبا من 2017 ، إطالة مدة حكمها إلى 3 سنوات دون وجه حق ، و” باضت” دستورا تكتشف اليوم الطبقة السياسية عرجه ، إضافة إلى قلة صلوحية طريقة اقتراع ذهبت بالبلاد إلى أزمة حكم ، كانت متوقعة ، لدى بعض الحكماء من السياسيين ، وبعض الصحفيين ، تجني البلاد حاليا مرارة نتائجها .
فقد حصلت النهضة عل 37 في المائة من الأصوات و41 في المائة من المقاعد ، ووجدت سريعا من يتواطأ معها من أحزاب كانت تعلن مدنيتها ، أي المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي ، والتكتل الديمقراطي بزعامة مصطفى بن جعفر ، ممن كان في عطش للحكم ، ( وأي حكم ) ممن قدم لها غطاء للحكم النهضاوي خدمة مجانية ، في خيانة مفضوحة لخطابهما السياسي ، في الحملة الانتخابية من أنهما لن يدخلا في شراكة مع النهضة مهما كانت الأحوال ، ، كل ذلك دون أي مشاركة قعلية فيه، دليل ذلك فضيحة تسليم اللاجئ الليبي البغدادي المحمودي ، بمقابل حس ما راج في حينه.
وكان المراقبون يقدرون منذ ذلك الحين أن الخزان الانتخابي للنهضة هو ربع عدد أفراد الجسم الانتخابي ، وإذ تضخم شيئا ما في تلك الانتخابات لسنة 2011 وبلغ 37 في المائة ، فإن ذلك كان نتاج من التحقوا لا بذلك الجسم ، ولا اقتناعا ، بل تعاطفا مع النهضة لما نال أبناءها من ظلم أيام الاستبداد ، واستعمال ذلك بحذق ، باعتبارهم ضحايا ، والبسطاء فقط يتعاطفون مع الضحايا ، أو بسبب ما روجوه من مقولة ” يخافوا ربي ” ، في تناقض مع ظاهرة الفساد التي كانت سائدة ، والتي لا نسبة ولا مناسبة مع مثيلها اليوم بعد 10 سنوات من حكم النهضة ، مباشرة أو بالاشتراك.
وجاءت انتخابات 2014 لتقفز بنداء تونس إلى المرتبة الأولى بقرابة 39 في المائة ، وتنزل بالنهضة إلى مقربة من خزانها الانتخابي بـ32 في المائة أي بفارق 7 نقاط .
ولعل النهضة قد عادت إلى حجمها الطبيعي أي حوالي 25 في المائة في آخر استطلاعات الرأي ، هي وذراعــــــها ائتلاف الكرامة معا ، وهو المكلف بتأدية المهام القذرة ، التي لا تريد النهضة تأديتها مباشرة (24.6 في المائة ).
وإذ أعلن على رؤوس الملأ أني لن أصوت للدستوري الحر ، ما دام لا يريد أن يعترف بالواقع ، وأن البلاد شهدت ثورة ، وأنه أي الحزب وزعيمته عبير موسي ، يتصرفون تصرفا مارقا ، ربما له الفضل في رفعها إلى 43.6 في المائة في نوايا التصويت حسب مؤسسة سيغما ، فإن رفضها الاعتراف بالواقع المتمثل في الثورة ( سمها ما شئت) ، وهي التي انتخبت في ظل دستور 2014 ، وتتمتع بالحريات التي جاء بها والانتخاب الديمقراطي الذي رفعها إلى سدة النيابة ، وما دامت لا تعلن هي وحزبها أنها ستواصل على الطريق الديمقراطي قاطعة مع النظام الماضي وتضمن الحريات العامة ، وإن كانت تتميز بخطاب مشحون بالحقائق ، وبتحليل واقعي ، غير أني وأنا أقول أني لن أصوت لها ولحزبها ، فإني لا أصوت للنهضة ولا لذراعها ائتلاف الكرامة ، لتناقض في التصورات المجتمعية معهما وإصرارهما على خلط السياسي بالدعوي دليل ذلك الزعامات من النهضة التي كانت في صفوف من وقفوا في وجه اعتصام الدستوري الحر ، حتى فرضوا فكه في ظل حكم ضعيف ، ولا أصوت كذلك لحزب قلب تونس ، الذي يجدر به أن يسمي نفسه ، متقلب تونس ، وإذ كنت كذلك فإن موقفي الشخصي منها أي عبير موسي وحزبها ، في سعيها الأخير أمام من تسمي نفسها “جمعية العلماء المسلمين” ، وفي اعتصامها ، على أساس أن الاعتصام مضمون بالدستور والقانون ، وهي وحزبها نالا ترخيصا من الحكومة لتنظيمه ، طال ما طال ، وهي ضحية هجمة من ائتلاف الكرامة بمعاصدة النهضة ( وهي مثل النهضة سابقا تستثمر في حالة الضحية اليوم ونجحت في نيل التأييد ).
ولعل التنديد الأكبر في هذه الحالة ، يمكن أن يتوجه به المرء إلى رئيس الحكومة وزير الداخلية هشام المشيشي ، الذي فقد التوازن وتحول هو الآخر مستجيبا لأوامر ونواهي النهضة ، فاقدا بذلك كل حياد ينبغي أن ترتكز عليه أي حكومة في دولة تدعي أنها ديمقراطية ، وإلا ما معنى فض اعتصام قانوني ، بقوة الدولة التي هي براء من ذلك ، ، فيما تجري حاليا إعتصامات أخرى كثيرة بعضها داخل أسوار وزارات مثل وزارة التعليم العالي .
وفيما أن رئيس الحكومة ، تحول إلى وزير أول لدى رئيس البرلمان ، لا يعصي له أمرا بعد أن ارتمى في حضنه ( مخدته المريحة )، قالبا ظهر المجن لصاحب الفضل عليه ، في عملية جحود موصوفة تجاه من جاء به وبلغ به رئاسة الحكومة، وهو الذي لم يكن يحلم حتى بخطة كاتب عام وزارة، ويتخيل اليوم كغيره ممن لفظتهم النهضة كالنواة مثل المرزوقي وبن جعفر، ويوسف الشاهد أنه سيكون الاستثناء ،وأنها سترفق به وتخصه باعتبار ، عندما ينتهي الدور الذي استخدمته فيه، وهي التي غدرت حتى بأبنائها ، وللمرء أن يعود إلى ما فعلته بالشيخ مورو في 2011 ، وبالشيخ مورو مرة أخرى، في انتخابات الرئاسة في دورها الأول سنة 2019، وغيرهم كثير.