-
تركيا أردوغان… ما زالت تدفع من مالها الخاص… على حساب قوت الأتراك
-
من المفيد إقامة منطقة حرة ليبية/تونسية جزائية
تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
لعل أكبر خبر مفرح في إطار التسوية الليبية الليبية ، هي تلك المتمثلة ، في سقوط قائمة يرأس حكومتها ، باشا آغا وزير الداخلية حتى آخر لحظة في حكومة السراج ، الذي لا يفتخر بأنه ليبي ، بل يفتخر بأنه ينحدر من أصول تركية ، ويعتبر أحد رؤساء القادة الذين دمروا ليبيا على مدى سنوات، ليس ذلك فقط ، بل هو أيضا رجل المهمات القذرة في ما سيطر عليه من أراض في الغرب الليبي، تحت لواء حكومة السراج ، التي فقدت شرعيتها منذ سنوات ، وبقيت تحظى الميليشيات فيها بحماية خاصة ، و التي اكتوينا في تونس بنار لهيبها ، عديد المرات ، وخاصة في محاولة بائسة لإقامة إمارة إسلاموية في بن قردان ، يتم الزحف بواسطتها على أي جزء من الأرض التونسية، عرف باشا آغا بميلشيات اشتهرت بأمرين اثنين القتل والتقتيل ،والفساد ، وإخضاع الناس من غير ميليشياته إلى النهب ، بحيث اعتبر واحدا من أغنى الأغنياء في ليبيا، وربما في المنطقة ، وهو صنيعة أردوغان ، الذي بات يهدد ، بعد المصالحة الليبية ، بأنه لن يسحب قواته ، من ” مدربين ” من الضباط الأتراك ، و من مرتزقته من السوريين ومن التركمان من مختلف أنحاء المناطق المنتسبة للجنس التركي، ومن تحركهم لا مبادئ ولا هم يحزنون ، بل من يدفع أكثر ، وتركيا أردوغان رغم تدهور أحوال اقتصادها ، ما زالت وستظل تدفع من مالها الخاص ، على حساب قوت الأتراك ، إن بقي لها أموال في ظل أزمتها الاقتصادية الخانقة ، ومن مال عربي ، كانت تحركه الولايات المتحدة في إطار التناقضات العربية ، وسيكف عن ذلك بعد اتفاقية العلا.
للمرء أن يتساءل كيف حصلت المصالحة الليبية الليبية ، للواقع أن المصالحة تمت بواسطة ، مبعوثة الأمم المتحدة ، وهي دبلوماسية أمريكية ، شديدة الاطلاع على الشأن الليبي، قادت خطوات لقاءات متعددة انتهت إلى اختيارها ، لـ 75 ليبيا ” يمثلون كل الأطياف ” نظريا ، ولكن تم تمكينهم من قرار ، معلوم النتائج مسبقا ، فالولايات المتحدة لها مصالح كبرى في ليبيا ، ولذلك فإن المصلحة تخدم ـ أغراضها ، وقد قدرت ولا شك أن رئيس الحكومة “دبيبة”كفيل بخدمة تلك المصالح، أكثر من أي واحد من رؤساء القائمات الأربع التي ترشحت لنيل رئاسة الحكومة ، ونجاح رئيس الحكومة الجديد والذي كان من المقربين للقذافي وخاصة ابنه سيف الإسلام ، ويعتبر رجل أعمال في قمة الثراء ، وهو والمجلس الرئاسي قادرون على البلوغ بليبيا إلى بر الأمان ، وتهدئة الأوضاع وأربعتهم تنتظرهم مهمة رئيسية ، شاقة هي الوصول بالشعب الليبي، إلى موعد الانتخابات العامة المقررة لـ 24 ديسمبر المقبل ، ذكرى استقلال ليبيا، عبر تجريد الميليشيات من أسلحتها ، وإدماج كل القوات الأخرى في جيش ليبي موحد وأن ليبي موحد ، وهي مهمة ليست سهلة ، ولكن في المتناول باعتبار الضمانة الأمريكية ، والأوروبية ، والعربية بعد تحييد قطر .
وإذا أتم رئيس الوزراء وفريقه المهمة يكون قد حقق لليبيا ، عودة دولتها الموحدة ، ولكن وفق الرغبة الأمريكية بالعودة إلى ما كان عليه القطر الليبي قبل 1953 من أقاليم ثلاث ، طرابلس وبرقة و فزان .
**
في هذا الإطار ستبحث كل دولة على مصالحها ، وعدا الدول العظمى أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والمنافسة الداخلية بين مكوناته كبيرة ، وروسيا ، فإن مصر هي في حد ذاتها ونيابة عن دول الخليج قد وضعت قدما راسخة ببرامج واسعة لإعادة الاعمار الليبي، وهو برنامج يسيل اللعاب من أجله ، فيما بقيت تونس والجزائر المترددتان دوما، واللتان كانتـا أقرب للسراج ، في وضع المراهنتان عليه وعلى ميليشياته ، في أرجوحة تأرجحهما ، وبالنسبة لتونس بالذات ، ورغم فشل أحصنتهما الخاسرة ، تبقى لديهما حظوظ من الكعكة المغرية ، إن عرفتا كيف تناوران ، بدبلوماسية تعرج في البلدين ، إما للغياب الطويل للرئيس الجزائري الذي يتداوى في ألمانيا منذ أشهر ، أو دبلوماسية الهواة التي يقودها الرئيس قيس سعيد .
وفي تونس بالذات فإن رجال الأعمال وخاصة المقاولات التونسية لهما تجربة عريقة في ليبيا ، والمتوقع رغم كل شيء أن ترجع الحيوية للجنوب التونسي ، وتخف المطلبية السكانية المفرطة فيه ، فيما ستكون عملية الاعمار الليبية في حاجة كبرى لليد العاملة والخبرات التونسية ، خاصة في المنطقة الغربية ، حيث يتركز أكثر من نصف عدد السكان الليبيين ، وحيث مشروعات الاعمار الكبرى الناتجة عن الدمار الذي أصاب كل شيء فيها ،و غابت الدولة تماما ، ولعله من المفيد أن تسعى تونس ربما مع الجزائر لإقامة منطقة حرة ليبية تونسية جزائرية ، على غرار ما يجري في الشرق الليبي في منطقة السلوم وما والاها في مصر وليبيا ، وهو أمر شرع فيه من فترة ، وسيستمر بعد الاتفاق الأخير.