-
لن تمر 2022 حتى تكون أغلبية من الدول العربية اعترفت بإسرائيل…!!!
تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
بقطع النظر عن قصية تطبيع المغرب مع إسرائيل كدفعة جديدة من الدول العربية المطبعة سواء رسميا أو بصورة غير معلنة ، وهي مصر والأردن والإمارات والبحرين وقطر وعمان والسودان، يتوقع المراقبون أن يلتحق بالركب كل من جيبوتي وجزر القمور والصومال،وربما موريتانيا ، ولن تبقى في المستقبل المنظور خارج حركة التطبيع إلا تونس والجزائر والعراق وسوريا ولبنان والكويت والسعودية (؟) وطبعا فلسطين وهي في منزلة بين منزلتين ، أي إنه لن تمر سنة 2021 أو على الأكثر 2022 حتى تكون الأغلبية من الدول العربية الـ24 قد اعترفت بصورة أو بأخرى بإسرائيل سواء بحساب عدد الدول أو بحساب أغلبية من السكان داخل تلك الدول المطبعة , ولكل في هذا السباق للتطبيع أسبابه ، ففي دول الخليج يبدو أن ترتيب القيم قد أصابه انخرام وباتت إيران تتصدر قائمة الأعداء لا إسرائيل ، خوفا من قوتها النووية الوافدة ، وهي التي تحتل جزء من دولة الإمارات،، كما تتهدد بضم البحرين وابتلاعها كاملة اعتمادا على أن أغلبية سكانها من الشيعة ، بينما الحكم سني. أما بالنسبة للمغرب، فإن جزرة الاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية أو المغربية المتنازع عليها بينه وبين البوليساريو صنيعة الجزائر منذ 45 عاما ، وهو خلاف تم الاعتقاد في يوم من الأيام وبمناسبة قيام الاتحاد المغاربي في سنة 1989 ، وبتنازل من الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد أنه قد انتهى بالانصهار المغاربي ، وأن الأرض المغاربية ، باتت قاسما أعظم مشترك بين الدول الخمس تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريطانيا، وأنه لم يعد هناك سبب للخلاف على الأرض والسيادة ، طالما الكل مندمج في وحدة سياسية اقتصادية مجتمعية أو يرجى أن يكون الأمر كذلك..
بذهاب الشاذلي بن جديد من الرئاسة الجزائرية تأرجحت مواقف الدولة الجزائرية ، بين العودة لتأييد البوليساريو واتباع سياسة متصلبة في القضية ، وبين إرخاء الحبل من طرف الجزائر في فترة رئاسة محمد بوضياف ، الذي كان يعتقد أن للجزائر الكفاية من المشاكل، لتزيد على عاتقها مشكلا آخر هو مشكل الصحراء ، وسيقال إن الرئيس محمد بوضياف وكان يتمتع بشعبية كبرى ، قد تم اغتياله لهذا السبب ، حيث إن ” جيش التحرير” الذي ينتمي إلى الخط السائد ، أي خط بومدين لم يرض على سياسة بوضياف التي اعتبرها متخلية عن حقوق الجزائر ، ومنذ جاء بوتفليقة للرئاسة التي بقي فيها عقدين ، وهو مع بومدين مهندس خط استقلال الصحراء منذ 1975 واعتبار المغرب دولة مستعمرة ( بكسر الميم ) ، استمر ذلك الخط سائدا ولكن بهدوء، أصل المشكل يتمثل في أن الجزائر وحكوماتها اعتبرت أن ما يسمى بالصحراء الغربية هو مشكل دولة مستعمرة هي المغرب ، وأنها تعمل على تصفية الاستعمار من كل القارة الإفريقية ، والصحراء الغربية هي آخر رقعة تحت الاستعمار في القارة ، بعد أن تحررت أريتريا من ربقة الاستعمار الأثيوبي ، وجنوب السودان من ربقة الاستعمار السوداني في الخرطوم.
المغرب الذي سيطر عسكريا على كامل المنطقة في ما يسميه بالصحراء المغربية، لا يرى الأمر من هذه الزاوية ، فهو يقدم الأمر على أن الصحراء،نعتبر تاريخيا تعتبر تابعة للمملكة الشريفية وأن أهلها كانوا يعقدون البيعة لسلطان المغرب منذ قرون ، وقد اقتطعت هي ومنطقة ا” الريف ” شمال المغرب ، في إطار” قسمة وخيان” بين فرنسا وإسبانيا ، وإذ عادت منطقة الريف للسيادة المغربية في تزامن مع الاستقلال المغربي في 2 مارس 1956 ، فقد أبقت إسبانيا على اختلالها للصحراء الغربية أو المغربية ومنطقتي سبتة و مليلة وهما مدينتان في أقصى شمال المغرب ، هذا بقطع النظر عن جزر الكناري ومادير التي ألحقت بإسبانيا منذ قرون ، تماما مثل الصحراء التونسية ومنطقة الناظور 233 ، التي أهداها الجنرال ديغول ، للجزائر في 1962 ، وتنازلت عنها تونس سنة رغم أحقية تونس بها باعتبار اتفاقيات سابقة بين الإمبراطورية العثمانية وفرنسا ثم بين فرنسا الجزائر وفرنسا تونس زمن احتلال البلدين ، وقد تنازلت عنها تونس ظلما وعدوانا سنة 1970 ، رغم أنها تزخر بمخزون بترولي وغازي ضخم تبيعه الجزائر إلى تونس منذ عقود
وإذ كان العقيد هواري بومدين ووزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري لاحقا ، ووراءهما قيادات الجيش الجزائري يختزلون قضية الصحراء ، في مسألة تصفية الاستعمار ، حتى قبل تحرير أريتريا وجنوب السودان ، وقد نالت وجهة النظر الجزائرية ، تأييد غالب الدول الإفريقية لحد الاعتراف ” بدولة صحراوية ” ، بعكس ما تقتضيه الأعراف الدولية ، من سيطرة على إقليم ، تقوم عليه حكومة فعلا، وذلك بقوة مالية ضخمة مصدرها إنتاج بترولي وغازي ضخم تم إهدار عوائده ،فإن جهات أخرى وفي مقدمتها المغرب ، ترى أن المطالبة الجزائرية بحكومة صحراوية تكون تابعة لها مرده ، رغبة جزائرية في الإطلال على المحيط الأطلسي ، وحرمان المغرب من إطلالها على العمق الإفريقي إضافة من السيطرة على مخزون من الفوسفات يقدر بأنه من أكبر المخزونات في العالم، ويمتاز بشدة خصوبته . la teneur
من هنا فإن هذه الحالة أدت لإعاقة قيام مغرب عربي أو مغرب كبير كما يفضل تسميته إخواننا الأمازيغ ، الذين يشكلون جزء مهما من السكان وباعتبارهم السكان الأصليين لكل المنطقة ، ونتيجة لهذا الوضع أغلقت الحــــــــدود بين الــــــــبلدين ” الشقيقين اللدودين:” وتعطل انسياب البشر والسلع برا ، وتدهورت المبادلات ، واستحكم العداء ، ويقول مصطفى الفيلالي رجل الدولة التونسي ، والذي أشرف على حظوظ أحد الأجهزة الوحدوية المغاربية في وقت من الأوقات ، إن هذه الحالة أدت إلى نقص دائم في مستوى الناتج الداخلي الخام ، في كل بلد من بلدان المغرب العربي بـ2 في المائة سنويا نتيجة تعطل المبادلات البينية إنسانيا وسلعيا ..
ولعل فشل الدول المغاربية الخمسة في إنجاز ، كيان ولو في حدوده الدنيا ، لدافع لتفكير آخر وأوسع ، لقيام كيان ضروري ، في زمن التكتلات الكبرى ، سواء في أوروبا أو أمريكا اللاتينية أو آسيا ، للقدرة على مواجهة متطلبات العصر وإكراهاته ، وسيكون ذلك موضوع مقال آخر ومقترحنا المقبل.