
تونس – اونيفار نيوز صرخة فزع اطلقها من أعماق ذاتي المحبطة على الإدارة التونسية التي انهارت بشكل كارثي وعادت بالمواطن التونسي المنكوب سبعة عقود إلى الوراء. هالني اليوم ما عاينته بنفسي في الإدارة التونسية، التي قضيت فيها ما يقرب عن أربعة عقود من عمري، تدرجت خلالها في العديد من المواقع والرتب وتحملت اعلى المسؤوليات.
ما شاهدته بنفسي أبكاني، وانا الذي لم يبك إلا مرتين في حياته، يوم توفي والدي ويوم توفيت والدتي رحمهما الله .
دفعتني الظروف إلى ان ألتجأ إلى الإدارة لقضاء شأن شخصي بسيط، كان يتولى إنجازه في الماضي، حيث لا تكنولوجيات حديثة ولا رقمنه ولا طواقم من الموظفين، عمدة الحي، كشهادة الفقر، وشهادة الإقامة، وشهادة لٱلتماس الإعفاء من الخدمة العسكرية، فالشأن الذي رمت قضاءه اليوم لا يختلف كثيرا عن هذه التي سردتها، ولكنه كلفني، شدو أحزمتكم : سبع وثائق بالتمام والكمال، أربع منها معرفة بالإمضاء وموزعة على أربع إدارات مختلفة، كل واحدة منها تتطلب وقوفا في طوابير طويلة، غير مختلطة حفاظا على حرمة المراة من ظل الرجل، وبين الإدارة والإداراة مسافات طويلة بكل ما فيها من اكتظاظ للسيارات، وتأخر في مواقيت الحافلات والقطارات، وعبوس وشروط أصحاب التاكسيات، وخرق خطير لقوانين المرور، واستهزاء بالأضواء الحمراء والخطوط البيضاء وحتى بأعوان شرطة المرور .
امام هول ما حدث لي ازدحمت في مخيلتي الذكريات وتصادمت المقارنات بين الماضي، الذي لا تكنولوجيات رقمية فيه ولا طاقات بشرية كافية، وحاضر الحواسيب المتطورة والصامتة لغياب “الريزو”، و طواقم الموظفين خريجي كليات الإختصاص المنشغلين بهواتفهم الجوالة او التاركين لمكاتبهم !
فالوثيقة التي كنت أحصل عليها من العمدة بدون مقابل، وفي دقيقتين زمن “الديكتاتورية” و“الإستبداد” و“التهميش” و “الإستهتار بحقوق الإنسان“، اصبحت احصل عليها، بتعب ايام عديدة من التنقل بين الإدارات وطوابيرها الطويلة التي تفصل بين الرجال والنساء، والدفوعات المختلفة للإدارات والتاكسيات والحافلات والقطارات ومراكز الحجز البلدي، زمن “الديمقراطية” و“الحرية” و“حقوق الإنسان” و“الكرامة” و“تكنولوجيات الرقمنة و“الحوكمة الرشيدة“.