تونس – اونيفار نيوز قرر الزعيم الحبيب بورقيبة، رحمه الله، تعيين الهادي نويرة وزيرا أول في الثاني من شهر نوفمبر 1970، خلفا للباهي الأدغم، الذي حمله مسؤولية التغافل عن الكوارث التي حلت بالبلاد نتيجة سياسة التعاضد الفوضوي، التي إنتهجها الوزير ” القوي ومتعدد الحقائب” أحمد بن صالح.
كانت كل المؤشرات في الأحمر، كما هو حالنا اليوم ،حسب ما أكد ذلك الخبراء الإقتصاديون بالداخل والخارج ، وكان البلد على حافة الإفلاس والإنهيار، والمناخ الإجتماعي متوترا، والصراعات الداخلية تعصف بالحزب الإشتراكي الدستوري الحاكم، وأعشاش الدبابير تمكنت من قصر قرطاج بعد أن حولته وسيلة بن عمار، حرم رئيس الجمهورية، إلى مركز لهيمنتها ونسج المؤامرات ونصب الفخاخ لخصومها.
لم يتردد الهادي نويرة في قبول “الهدية المسمومة” من باب الوطنية المتجذرة في ذاته، والنضالية التي عرف بها طوال الكفاح ضد الإستعمار، ولم يهدر وقتا طويلا لٱنتقاء الكفاءات التي سيعول عليها، ولوضع برنامج إصلاحي مرحلي، وٱنطلق في العمل الجدي والفاعل تحدوه عزيمة الواثقين من أنفسهم، والعارفين بقدرات الشعب دون حقد على سابقيه، أو الذين عملوا مع سلفه، بل إستقطب البارزين منهم وشركهم في برامجه ومخططاته، وبالرغم من تصاعد وتيرة دسائس وسيلة بورقيبة، التي لم تستسغ منعها، من قبل الوزير الأول الجديد، من التدخل في شؤون الحكومة، ومناورات محمد المصمودي وحسان بلخوجة وأحمد المستيري، الذين كانوا يعتقدون أنهم أولى من الهادي نويرة بتقلد منصب الوزير الأول ، وبالرغم أيضا، من ازمة الحزب وظهور تيارات متمردة بداخله، ،وبداية تململ الإتحاد العام التونسي للشغل، وٱضطرام الإحتجاجات الطلابية، فقد تمكن الهادي نويرة من مواجهة كل هذه العواصف، والخروج بالبلاد من مناطق الخطر محققا نسبا قياسية في مؤشرات التنمية أذهلت المؤسسات الدولية المختصة.
درس الهادي نويرة يصلح لأن يكون مثالا يقتدي به لكل حكومة تتبوأ مكانها في سدة السلطة ببلادنا.