تونس – اونيفار نيوز ليعلم المخادعون بٱسم الديمقراطية والمتاجرون بقيمها من ساسة هذه الزمن الموبوء بالزيف والكذب والبهتان والمغالطات المفضوحة أن الديمقراطية لا تختزل في الأحزاب وصناديق الإقتراع وتوزيع الغنيمة، كما لا يمكن للأحزاب الشمولية والكليانية والثيوقراطية التي لا تؤمن بقيمها ولا تلتزم بشروطها أن تجد موطأ قدم في ساحتها، لكن الوضع في بلادنا مختلف تماما، إذ يتضمن مفارقة غريبة من شأنها أن تنسف العملية الديمقراطية برمتها، وهي وجود أحزاب مرخص له بالنشاط تعتبرالديمقراطية “كفرا ورجسا من عمل الشيطان”، وتنص على ذلك في مواثيقها وشعاراتها وخطابها الديني والسياسي المعلن، وتطالب بإلغاء الإنتخابات وإقامة الخلافة وتطبيق الشريعة !
هل وجب التذكير ، مرة أخرى، بأن الديمقراطية ولدت من رحم أبوين شرعيين هما الإصلاح الديني والتنوير الفكري، فعندما تم تخليص ” المقدس ” من لوثة ” المدنس” وتوقفت المؤسسة الدينية عن لعب دور الوسيط بين الخالق وعباده وكفت، تبعا لذلك، عن السيطرة على حياة البشر والتفرد بتسيير شؤون دينهم ودنياهم، ولما نجح المفكرون المستنيرون في تمرير أفكارهم إلى الفئات الإجتماعية المختلفة، أصبحت الظروف الموضوعية مهيئة لنشوء الديمقراطية ونموها، وهو ما حصل في الغرب وكان سببا في تفوقه الحضاري.
هل توفر هذا المناخ في بلادنا حتى يجوز لنا الحديث عن الديمقراطية ؟ المصيبة أننا نتحدث عن نظام ديمقراطي ومكاسب ديمقراطية في ساحة تنشط فيها، بترخيص رسمي، أحزاب ترفض، علنا، قيم الديمقراطية.!!! تلك هي مع الأسف الشديد، خصوصية ” الديمقراطية التونسية” ومع ذلك نتساءل بحيرة عن سبب وجود تلك الوجوه الفلكلورية في ساحتنا السياسية، في حين أنه كما كان زرعنا كان حصادنا.