تونس – اونيفار نيوز يتساءل الكثير من الباحثين في شؤون المجتمعات وفي أسباب وتداعيات التحولات التي تغير مساراتها ، عن الدواعي التي تجعل أغلب الشعوب التي فجرت ثورات أو انتفاضات تحن ، مع مدة قصيرة ، إلى الأنظمة التي ثارت عليها وأسقطتها ؟ وقد أجاب المفكر الديمقراطي الراحل وأول رئيس منتخب لجمهورية تشيكيا بعد سقوط النظام الشيوعي ، فاكلاف هافال ، عن هذا السؤال بواقعية وموضوعية ، دون أن يتهم ” أزلام ” النظام السابق بمحاولة “تفجير ثورة مضادة ” كما يدعي الجماعة في بلادنا ، وقال : السبب هو أن راكبي سروج الثورة عادة ما ” يجنحون إلى الرفع من سقف الوعود إلى أعلى مستوى ممكن ، وعندما يصدمهم الواقع يجدون أنفسهم بلا مصداقية تجاه الشعوب ” !!!
تذكرت هذا القول وأنا أستمع يوميا للعديد من أفراد الشعب وهم يترحمون على النظام السابق بعد أن طغت مظاهر البؤس والألم والحيرة والضياع على حياتهم، وبدا جليا وواضحا أن الأزمات عصفت بهم ، وٱنسداد الأفق أحبطهم ، وعجز السياسيين عن إيقاف عجلة الإنحدار دمر آخر معاقل الأمل في قلوبهم .
كيف يفقد شعب بهجته بهذه السرعة وبشكل يكاد يكون جماعيا وعاما ويحن إلى النظام السابق الذي أسقطه بعد اتهامه بالعسف والظلم والفساد؟
لقد عم الإحباط جميع الناس ، وليس الحرية المنفلتة والصراعات والمزايدات التي تذكي نيرانها وسائل إعلام الإثارة ، ولا المواجهات الفوضوية ،المشحونة بمنسوب كبير من قلة الأدب والحياء ، ولا مهازل وفضائح بعض السياسيين التي أصبحت مادة للتندر والإستهزاء ، هي التي ستعيد للتونسيين إبتسامتهم المفقودة وتنسيهم في النظام السابق .