تونس – اونيفار نيوز ترددت كثيرا قبل التطرق إلى هذه المسألة الشائكة والملتهبة، لا لشيء إلا لأني على اعتقاد مسبق بأن معالجتها والإبحار عبر تجاويفها الموغلة في التعقيد يعد،في أغلب الأحيان، ضربا من ضروب الحرث في البحر والنفخ في القرب المقطوعة، ولكن ما أسمعه وأشاهده يوميا من تلاسن سوقي محمل بالإيحاءات الموغلة في القذارة، بين من يوصفون ب” السياسيين”و ” الحقوقيين” و” الثورجيين”، إستفزني بشدة، ودفعني إلى إثارة الموضوع عسى أن يعي الناعقون في خراب حرية التعبير بئس صنيعهم فيعيدون مراجعة مواقفهم وتعديلها على أساس المصلحة العليا للبلاد.في هذا الظرف الدقيق، والمثخن بالكثير من الآلام والأوجاع والخوف من انهيار السقف على الجميع.
يجب الإعتراف بأننا نعيش خارج منطق “حرية التعبير”، أحببنا ذلك أم كرهنا ، ومن هذا المنظور يصبح من العبث إدعاء بعضهم الإلتزام بقيودها وٱحترام شروطها، وبالتالي إتهام هذا الطرف أو ذاك بٱنتهاكها إذ هي منتهكة أصلا من الجميع دون إستثناء.
من يحرس ويصون ماذا، عندما يكون المؤتمن على حماية حرية التعبير هو أول منتهكيها؟ ثم بماذا يفسر المحتجون على بعض التجاوزات والإنتهاكات، صمتهم تجاه أخرى مماثلة وأكثر إيذاءا في أشكالها ومضامينها ونواياها ومقاصدها ؟ فهل أصبح التعامل مع الإنفلات والإعتداء على الحرية بمكاييل مختلفة أيضا؟. بقي عندما ينزل السياسيون والحقوقيون المؤتمنون على صيانة قيم الحرية والديمقراطية إلى حضيض الإنتهاك المبتذل لها، يأخذ الموضوع منعرجات أخرى أكثر خطورة .
لابد من التعامل مع هذه المسألة بشفافية ووضوح، والإقرار بأن تيار الإنفلات قد عصف بالجميع وان ما يحدث لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بحرية التعبير وإنما هو إنحدار سريع إلى الهاوية.