تونس – اونيفار نيوز أتفهم أحيانا الأسباب الموضوعية وغير الموضوعية الكامنة وراء تلك الرغبة الهستيرية الجامحة في الإثارة والإستفزاز !
وأدرك مقاصدها وأبعادها وأهدافها المعلنة والخفية ، سواء في وسائل الإعلام اللاهثة وراء الربح السهل ، أو لدى ساسة هذا الزمن الموبوء بكل الآفات ، الذين يحرصون على التموقع المنبري بكل الوسائل الشرعية تارة وغير القانونية واللاأخلاقية في أغلب الأحيان .
أتفهم كل هذا رغم صبغته الإنحرافية الطاغية وأحاول أن أجد له مبررات تتضمن الحد الأدنى من الإقناع ، لكن ما لم أفهمه وأستسغه وعجزت عن إيجاد ذريعة له ، هو تفشي هذه الظاهرة لدى الجميع ، من خاصة وعامة، فالكل يجري وراء الإثارة ويوظفها حسب مشيئته وحيث تتمركز أغراضه ومآربه، حتى أصبح الإعلاميون والسياسيون يرقصون على طار بو فلس ” كما يقول المثل الشعبي الدارج ببلاغة متناهية !
فإذا ما قيمنا بدقة وموضوعية الأحداث والوقائع المتواترة خلال الأيام القليلة الماضية ، وهي عديدة ومختلفة المضامين ومتباينة الخطورة والأهمية ، ورصدنا طبيعة إهتمامات الناس بها وكشفنا عن المصطلحات المستعملة وأشدها تداولا بين الناس بمختلف طبقاتهم ومرجعياتهم وٱنتماءاتهم الفكرية والإيديولوجية ، لوجدنا إنحدارا رهيبا في الإهتمامات والمواقف وردود الفعل ، وتمرغا في أوحال الرداءة والوضاعة والإثارة المجانية !
فالقضايا التي شغلت الناس ، أخيرا ، لم تتجاوز دائرة الهوامش والأحداث الجانبية التي لا علاقة لها إطلاقا بالإهتمامات الوطنية والمشاغل الشعبية الأساسية ، والأزمات المتفاقمة في كل القطاعات ، وما يحاك ضد البلاد من مؤامرات داخلية وخارجية. كنا نعتقد أن الإثارة ما هي إلا مجرد “توابل” عرضية فإذا بها تصبح المصدر المركزي لمشاغل شعب يئن تحت وطأة أزمات خطيرة ! إنه الهروب من الهاوية إلى أخرى أعمق وأخطر.