
تونس – اونيفار نيوز تتعدد أشكال الإرهاب وتتنوع: إرهاب الجماعات التكفيرية المنظمة ، وإرهاب المحتالين والمهربين وقطاع الطرق ، وإرهاب المجرمين والخارجين عن القانون ، وإرهاب المحرضين على الفوضى والعصيان والفتن ، ويعلم القائمون على شؤون البلاد أن هذه الوضعية تفرض معالجة أكثر عمقا وشمولية لمسألة صيانة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، خاصة وأن الأوضاع العالمية السائدة طرحت مقاربات جديدة في التعامل مع هذه المسألة ، إذ تخلت كبرى الديمقراطيات في العالم عن تشبثها بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان إذا ما كان ذلك سيؤدي إلى المس بأمنها القومي.
وفي هذا السياق ، وعلى سبيل المثال،شددت فرنسا من مراقبة المشبوهين، وٱتخذت ديمقراطيات أوروبية أخرى إجراءات مماثلة وصلت إلى حد حظر العديد من الجمعيات والتيارات الدينية التي كانت تدعمها وتحميها وتشجعها على النشاط منذ سنوات قليلة، ومازالت قولة رئيس حكومة إنقلترا الأسبق دافيد كامرون :” لا تحدثوني عن حقوق الإنسان في ظل تعرض أمننا القومي للخطر” تقرع الأذهان وتدعو الغافلين إلى مراجعة مواقفهم وحساباتهم قبل فوات الأوان. لكن المشكلة في تونس هي اننا لم نستوعب الدرس رغم تعدد العمليات الإرهابية وجرائم التحيل والتهريب والسرقة والإغتصاب والقتل المتعمد، وتفاقم تداعياتها الكارثية على الأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد ، ومازالت بعض القوى والتيارات السياسية والحقوقية تعارض إتخاذ إجراءات ردعية حاسمة ضد الإرهابيين ومموليهم وداعميهم والمروجين لمقارباتهم التكفيرية وكل المجرمين والخارجين عن القانون بدعوى ان تلك الإجراءات تهدد الحريات الأساسية وتعيد إنتاج التعسف والتسلط والكبت وجميع مكونات الديكتاتورية !!!
وهنا أساسا تكمن المعضلة الكبرى، أعني معضلة المتاجرة بحقوق الإنسان على حساب أمن الشعب والوطن، والتي على السلط الحاكمة أن تواجهها بحكمة وواقعية وحزم لضمان ظروف الإصلاح الشامل بدءا بوضع حد نهائي لكل محاولات تعطيل الإنتاج وإيقاف عمل المرافق الحيوية ومطاردة المتمردين بقوة القانون وتضييق الخناق على المجرمين والقتلة وتفعيل قانون مكافحة الإرهاب تفعيلا عمليا بعيدا عن التوظيف الإستعراضي للحريات وحقوق الإنسان الذي يتعارض مع المقاصد والأهداف الحقيقية لهذه القيمة المشتركة التي ولدت يوم ولد القانون ولا يمكن لها أن تتجذر وتينع في المجتمع إلا في ظل سلطة القانون.