-
من يضع خنصره مع النهضة يحترق كامل جسده…!!!
تونس – “الوسط نيوز” – كتب : مصطفى المشاط
لم يفشل الحبيب الجملي مرشح حركة النهضة في نيل ثقة مجلس نواب الشعب البارحة و انما فشلت حركة النهضة إذ لم يتعدى عدد الأصوات التي حصل عليها أكثر من 71 صوت و هي أصوات كتلة حركة النهضة مع إئتلاف الكرامة تقريبا.
سقوط حكومة النهضة ليس حدثا عابرا فهو مؤشر على تغير جذري في المشهد السياسي ذلك أن حركة النهضة منذ أنتخابات 2011 و هي المتحكم الفعلي في كل توازنات المشهد السياسي تقرب من تريد و تقصي من تريد أعتمادا على النظام السياسي الذي فرضته في دستور 2014 و أعتمادا على كونها الكتلة الأولى في مجلس نواب الشعب و حتى عندما كانت في المرتبة الثانية في أنتخابات 2014 فعلت كل شيئ لتفكيك حركة نداء تونس مستعملة أساليب جهنمية لتتصدر بعد وقت قصير عدد مقاعد المجلس لكنها فشلت البارحة في الحفاظ على موقعها و بعد ولادة الجبهة البرلمانية التي تضم قلب تونس،حركة الشعب،حركة تحيا تونس، كتلة الإصلاح الوطني، و كتلة المستقبل ستكون حركة النهضة عمليا معزولة و لن يكون لها رأي كبير في مشاورات تشكيل الحكومة التي سيقترح رئيسها قيس سعيد خلال عشرة أيام.
و في الحقيقة ولادة هذه الجبهة البرلمانية و سقوط حكومة النهضة يؤكد أنها ليست القوة الأولى في البلاد فهي حركة محافظة تعبر عن جانب من المجتمع التونسي المحافظ لكنها لا يمكن منطقيا أن تكون القوة الأولى باقل من 400 الف صوت و هو العدد الأقصى الذي حصلت عليه لكن غياب حزب أو جبهة قوية تعبر عن روح تونس المعتدلة و الوسطية هو السبب الذي زرع الوهم لدى الكثيرين و الذي نجحت النهضة في تسويقه بأنها القوة الأولى في البلاد.
الآن نشهد بداية نهاية هيمنة “الإسلاميين” على المشهد السياسي في تونس بعد نهاية “الأسلام السياسي” في مصر التي كانت منبت كل الحركات الإسلامية في الوطن العربي منذ 1928 بتأسيس حسن البنا لحركة “الأخوان المسلمين” التي أنهتها الثورة الشعبية العارمة في 30 جوان 2012 بعد عام واحد من صعودهم للحكم.
كما أن تنظيم “الأخوان المسلمين” في ليبيا يشهد نهاياته منذ 2014 و قد أستمروا يحكمون في جزء من ليبيا أعتمادا على المليشيات التي أرعبت الليبيين و نهبتم ثرواتهم من خلال واجهة فائز السراج الذي يواجه مصيرا مجهولا بعد أتفاقه مع زعيم الأخوان اردوغان و ردود الفعل الدولية ضد هذا الأتفاق لعل اخرها تصريح جان ايف لودريان وزير أوروبا و الشؤون الخارجية الفرنسي من داخل قصر قرطاج بالذات متهما اتفاق سراج اردوغان بانه فاقد لlشرعية الدولية.
فتونس ليست جزيرة معزولة و عودة “الإسلاميين” للمشهد السياسي لم تكن ظاهرة عفوية بل كانت في سياق قرار دولي كانت أولى بنوده إسقاط الأنظمة الوطنية في تونس و مصر و ليبيا و سوريا التي فشلوا فيها و منحها “للإسلاميين” في إطار أنتخابات مفبركة و شعارات الأنتقال الديمقراطي!
الآن… الزمن غير الزمن و خلال تسع سنوات جرت مياه كثيرة في الأنهار و انتهت سردية المظلومية و السجون و القمع و الحصار التي كان “الإسلاميون” يرفعونها و قد تم تعويضهم عنها بمئات الملايارات سحبت من المال العام و تصدروا الحكم و أثبتوا فشل ذريع في إدارة الدولة و “أخونة” المجتمع رغم ترسانة الجمعيات و المنظمات و المال المتدفق من جهات متعددة. اليوم نشهد عودة حركة النهضة إلى حجمها الطبيعي كتيار محافظ في المجتمع التونسي لا يمكن أن يكون المهيمن لو توحدت القوى الوسطية و الحداثية.
و هي المهمة الوطنية الموكولة للجبهة البرلمانية الجديدة إذا ارادت تسجيل اسمها في تاريخ تونس بعيدا كل البعد عن الزعاماتية و التحالفات القاتلة خاصة و قد ثبت ان كل من يضع خنصره (الأصبع الصغير) مع النهضة يحترق كامل جسده.
… و العبرة لمن يعتبر…