بعد أسبوع من اعلان عبدالعزيز بوتفليقة سحب ترشٌحه و تأجيل الانتخابات و تعيين رئيس حكومة جديد و اختيار الإبراهيمي لإدارة الندوة الوطنية التي ستحدد مستقبل الجزائر لم يهدأ الشارع بل ارتفع نسق الاحتجاجات في كامل مدن الجزائر و رفع المتظاهرون شعارات ترفض التمديد لبوتفليقة و ترفض رئيس الحكومة نورالدين بدوي و ترفض الابراهيمي.
و قد أدٌت الاحتجاجات حسب بيان الأمن الوطني الى أعتقال خمسة و سبعون شابا تورطوا في أحداث شغب و إصابة خمسة عشرة من أعوان الأمن.
مسيرات أمس الجمعة التي آنطلقت من المساجد كانت الأكثر زخما شعبيا منذ انطلاق الاحتجاجات و هو ما يعني سقوط المقاربة التي اختارتها السلطة و قد اعتبرت وسائل الاعلام الجزائرية المعارضة مثل صحيفة الخبر أو القريبة من السلطة مثل صحيفة البلاد و هما من أبرز الصحف الحزائرية و الأكثر ترويجا أن السلطة راهنت على ثلاثي فاشل و المقصود بهم نور الدين بدوي و رمضان العمامرة و الأخضر الابراهيمي.
كما ارتفعت أصوات في جبهة التحرير الجزائرية الحزب الذي يقود الأئتلاف الحاكم معتبرة أن خطوات بوتفليقة غير كافية في الوقت يصر فيه المنحازون للحراك على سقوط النظام الذي أتهمته رمز الثورة الجزائرية بالخيانة !
ما العمل ؟ أمام اتساع رقعة الأحتجاجات و تواصلها يخاف الجزائرين من العودة الى مربع الدم خاصة بعد إلتحاق جبهة الأنقاذ المحظورة بأجتماعات المعارضة و أصرار زعماء المعارضة حتى المعتدلة مثل علي بن فليس زعيم حزب طلائع الحريات على ضرورة رحيل النظام و المرور الى مرحلة أنتقالية !
فحراك الشارع اليوم سيقود الجزائر الى منعرج لا أحد يستطيع أن يتكهن بنهاياته فالذين يطالبون بإسقاط النظام ليس لهم جواب عن كيفية المرور بالمرحلة الأنتقالية و من سيقودها و هم الذين يرفضون كل الاقتراحات التي قدٌمتها السلطة فإسقاط النظام يعني الدخول في فوضى شبيهة بما عاشته تونس التي مازالت تعاني تبعات الأختيارات السيئة و غير العقلانية لأعتصام القصبة 1و 2 التي أسٌست الى منظومة هجينة تسلل منها الثورجيون و الأسلاميون فدمروا مؤسسات الدولة و حولوا كل مكاسب دولة الاستقلال الى “خراب”.
و حسب منطق المحتجين اليوم سيتم رفض أي مقترح بمنطق “ديقاج” فالمرور بمرحلة انتقالية لابد آن يتم مع الحفاظ على مؤسسات الدولة.
و الى حد الآن مازال الجيش صامتا و محايدا و لكن هل سيتواصل هذا الصمت و الحياد إذا تواصل هذا الحراك الذي قد تستعمله قوى معادية للجزائر لتنفيذ مخطط شبيه بما حدث في ليبيا و اليمن و سوريا و الى حد سينجح الجيش الجزائري في فرض الانضباط لخارطة الطريق التي قد يقترحها مادامت كل الحلول الأخرى مرفوضة ؟!ا
فعلا أنٌه منعرج مخيف و ما نرجوه أن لا تسقط الجزائر في السيناريوهات العبثية التي سقطت فيها تونس فخلقت دولة عاجزة و نظام سياسي هجين !