صادق مجلس نواب الشعب منذ سنة 2014 الى اليوم على اكثر من 250 مشروع قانون متعلق بالقروض، تعلق أغلبها بانجاز مجموعة من المشاريع من اجل تغطية عجز ميزانيات الدولة خلال السنوات الفارطة. وافضت معظم هذه المشاريع الى تفاقم الديون المعلقة، كما احدثت عجزا في ميزانية الدولة بلغت نسبته 84 %..
العهدة البرلمانية السابقة… 340 مشروع قانون 60 % منها قروض
صادق البرلمان التونسي خلال العهدة الممتدة ما بين 2014 و2019 على 340 مشروع قانون 60 % منها ساهمت في اتفاقيات قروض، أي أكثر من 200 مشروع قانون تقريبا حسب تقرير منظمة بوصلة، ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع مؤشر المديونية خلال تلك الفترة. وفي نفس الإطار، وخلال الجلسة العامة الختامية للدورة النيابية السابقة لمجلس نواب الشعب أكد حينها النائب سالم الأبيض عن ارتفاع نسق التداين بصفة كبيرا، وذلك بسبب الأموال التي تم اقتراضها خلال فترة حكومة يوسف الشاهد، التي بلغت 50 مشروع قانون يتعلق بالاقتراض، صادق عليها البرلمان في إطار بعث مجموعة من المشاريع، على سبيل المثال المدرسة العليا للمهندسين ببنزرت، مشروع تهيئة الجذع المركزي للميترو، محطة الترابط بساحة برشلونة، مشروع تثمين المناطق السقوية، بالاضافة إلى عدد هام من المشاريع الأخرى. كل هذه العوامل، ساهمت رفع من نسبة المديونية، حيث ارتفعت قيمة الديون المعلقة من 46922 م.د سنة 2015 الى 76165 م.د خلال سنة 2018. ويعتبر هذا النسق متسارعا خلال هذه الثلاث سنوات. هذا وتجدر الإشارة أيضا الى ان 76.55 %من الديون خارجية، في حين ان الديون الداخلية لم تبلغ نسبتها سوى 23.45 %.
مشاريع اقتراض جديدة من صندوق النقد الدولي ومؤسسات بنكية اخرى
دفعت ازمة فيروس كورونا البرلمان التونسي في مدته النيابية الحالية الى المصادقة على مشروع قانون قرض طارئ من صندوق النقد الدولي وذلك من اجل دعم الإجراءات الاستباقية للحد من تفشي هذا الفيروس، و بلغت قيمته 745 مليون دولار في الفترة التي تواجه فيها البلاد اكبر ركود اقتصادي منذ الاستقلال و جاء في بيان صادر عن صندوق النقد الدولي بان الاقتصاد من المتوقع ان يشهد انكماشا بنسبة 4.3 % تحت وطأة الوباء خلال هذه السنة، ثم يلي هذا المشروع الذي تمت المصادقة عليه مشروع اخر متعلق أساسا بالمصادقة على مشروع القانون المتعلق بعقد القرض المبرم بين تونس و المؤسسة الألمانية للقروض من اجل إعادة الاعمار لمويل برنامج دعم الإصلاحات في القطاع العمومي، و تم ايداعه يوم 11 اوت 2020، ومن جهة أخرى تعتزم لجنة المالية المصادقة على منشور رئيس الحكومة المتعلقبالموافقة على اتفاق قرض لتمويل برنامج دعم مجابهة ازمة كورونا عن طريق الادماج الاجتماعي والتشغيل. وقد وقع ابرام هذا الاتفاق مع البنك الافريقي للتنمية بتاريخ 4 جوان 2020.
كل هذه المشاريع القانونية المتعلقة بالقروض ستساهم بالأساس في مزيد الترفيع من قيمة الدين الخارجي بطبيعة الحال وهو ما يطرح علينا عديد التساؤلات حول مآل مشروع ميزانية الدّولة للسّنة القادمة.
5 مليار دينار : قيمة عجز ميزانية الدولة
بلغت قيمة الديون المعلقة 76156 م.د خلال سنة 2019 حيث تعد هذه القيمة مفزعة مقارنة ب46922م.د خلال سنة 2015 فالدولة التونسية مطالبة بسداد هذه الديون. ذلك أنّ السلطات التونسية ضبطت خلال سنة 2015 قيمة مبلغ سداد الدين العمومي ب5130م.د، لكن مع الإجراءات التي اتخذها البرلمان والمتعلقة بمزيد الاقتراض في العهدة الفارطة وخلال هذه العهدة تعقدت المسالة ووقع تعديل في مشروع قانون الميزانية ليقع تخصيص 9307 م.د لسداد الدين العمومي. وتحظى ميزانية الدين العمومي بنسبة 22.84 بالمائة من الميزانية العامة للدولة؛ أي انها تستأثر قرابة الربع من ميزانية الدولة اما خلال سنة 2020 فقد وقع ضبط ميزانية للدين العمومي بقيمة 11678 م.د أي بزيادة تعادل 18.3 بالمائة منذ سنة 2019. هذا وقد لاحظنا خلال هذه السنة وخلال موفى شهر جويلية بان عجز ميزانية الدولة بلغ 5 مليار دينار أي بنسبة84 %.
تشكو بلادنا عجزا اقتصاديا كبيرا كان قد بان في موفى شهر جويلية حين بلغ 5 مليار دينار, ولعل هذا ناجم عن الأطراف التي كانت فاعلة في البرلمان واغرقت البلاد في القروض دونما أي دراسة منطقية و علمية لما يمكن ان يطرا في المستقبل, فاليوم وجراء الاستراتيجيات الغير مدروسة سنجد أنفسنا امام خيارين في الحكومات المتعاقبة؛ اما تفعيل القطاعات الإنتاجية عن طريق عودة شركات الفسفاط و النفط او الاقتراض مجددا من اجل تغطية عجز الميزانية وسداد الديون.