الرد الذي قامت به المكلفة بالأعلام في رئاسة الجمهورية رشيدة النيفر اليوم عن ما أوردته وكالة الأنباء التركية الأناضول الذي تداولته وكالات الأنباء الصحف العربية لم يكن مقنعا بالمرة مثلما لم نقتنع بالتبادل في مجالات زيت الزيتون و بناء مستشفى للأطفال في لقاء حضره مدير المخابرات التركية و وزير الدفاع.
فالثابت أن أردوغان قدم طلبات رسمية لأستعمال الأراضي و الموانىء و المطار ت التونسية من أجل تمرير السلاح و المعدات العسكرية و الجنود للقتال ضد الجيش الليبي وحكومته الشرعية و مجلس النواب المنتخب من أجل عيون فائز السراج تركي الأصول و قد تتالت ردود الفعل التونسية الوطنية من أحزاب و جمعييات و شخصيات سياسية مثل نجيب الشابي.
و هذا المسار الذي أنتهت إليه تونس في الإصطفاف وراء المحور التركي القطري الأخواني ينذر بكوارث أمنية و سياسية على تونس التي فقدت المبادرة في ليبيا من أجل المصالحة و إيقاف الحرب عندما أنحازت لطرف دون آخر فأعلان تونس الذي يطالب بالمصالحة و حقن الدماء الليبيين لا قيمة له أولا لأن هذا المجلس تم التشكيك فيه من الليبيين أنفسهم و ثانيا لان قيس سعيد إلى حد الآن أثبت أنه منحاز لمحور السراج تركيا قطر الأخوان المسلمين و لم بتواصل مع الطرف الثاني في الشرق الليبي كما لم يتواصل مع شركائنا الأقليميين مثل الجزائر مصر إيطاليا فرنسا مكتفيا بالتعامل مع مجموعة طرابلس التي لا وجود لها على الأرض إلا في نسبة ضعيفة جدا و هو ما أضعف الموقف التونسي. و زيارة أوردغان في غياب وزير للدفاع و وزير للخارجية يؤكد أن كل ما يحدث ليس صدفة و هناك نية مبيتة للزج بتونس في حرب ليس لنا فيها أي مصلحة…
كنا سنصدق بيان رئاسة الجمهورية و تصريحات رشيدة النيفر و “حياد” الرئيس قيس سعيد لو أجرى على الأقل مكالمة هاتفية مع رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني أو رئيس مجلس النواب القاضي عقيلة صالح أو القائد العام للجيش الليبي أو الرئيس المصري أو الجزائري أو الفرنسي أو الإيطالي في خصوص تفعيل مبادرة التسوية السياسية في ليبيا و الحال أن شيئا من هذا لم يحدث فهذا يعني أن الرئيس مصطف أصطفافا كاملا و الأفعال هي الأصل في السياسة و ليس الشعارات.
و في الحقيقة هذا المسار هو النتيجة الطبيعية للتحولات السياسية منذ 2011 إذ تمت تصفية نظام بن علي وشيطنته و منح الحكم لحركة النهضة بما تمثله من أرتباطات مع تركيا و قطر و التنظيم العالمي للأخوان.
و في هذا السياق تم تدمير ليبيا و إغراقها في الفوضى و السلاح لكن المشروع فشل بعد صعود المشير حفتر و عبد الفتاح السيسي الذي أنهى حكم الأخوان المسلمين و حاول الباجي قايد السبسي إيقاف مسار الهيمنة على تونس و غرب ليبيا لكنه فشل و ترى حركة النهضة اليوم أن الفرصة متاحة لإحياء المشروع الأخواني العثماني و ليبيا هي الفرصة الأخيرة لحماية مشروعها في تونس لأن وصول الجيش الليبي المتحالف مع الجيش المصري سينهي الإسلام السياسي في تونس و بالتالي قبر مشروع ما عرف بالربيع العربي الذي بني على تسليم السلطة للإسلاميين.
الثابت أن تونس مقبلة على مرحلة دقيقة و خطيرة قد تكون فيها مجالا لتصفية الحساب بين حفتر السيسي و بين تميم أردوغان…!!!