تونس –“الوسط نيوز” – كتب : محمد بن عامر*
تجري منذ مدّة محاولة متعمّدة، من طرف عديد السياسيين، بإصرار و دأب شديدين لتشويه نضال الحزب الدستوري الحر و تزييفه. و هي محاولة أعدّ لها بإتقان و سخّرت لها عديد الأجهزة الإعلامية و عدد من نواب الشعب تحت قبّة المجلس حتى تصبح هي الحقيقة و لا شيء غيرها. كما يجري في نفس الوقت سعي محموم لمطاردة أي كلمة حق صادقة تصدر خاصة عن أي منافس للأحزاب الحاكمة (على غرار المنافسين الجدد مثل نبيل القروي، و ألفة التراس، و عبير موسي،…)، أو عن أي شخص ينتمي إلى هذه الأحزاب أو التنظيمات البارزة الجديدة، و في أي مكان تهزّ الصورة التي يسعون على نشرها و تكشف عن زيفها.
و مع محاولات خنق كل صوت آخر و مصادرة أي كلمة أخرى، فهم يسعون إلى محاصرة المواطن بصورة تاريخيّة مصطنعة عن تاريخ بلاده بإضفاء معطيات من البحث و الموضوعية المزيفة على تاريخ الحركة الوطنيّة و تشويه الزّعماء و المناضلين الوطنيين و سارعت بعض الأطراف الخارجية لتدعيم هذا العمل السخيف اللاأخلاقي فأخذت تموّل الحملات السياسية و الأنشطة الجمعيّاتيّة من أجل الاطاحة بتونس و زعزعة استقرارها و إذلال شعبها. كما أن هناك رغبة لإجهاض العمل النّضالي المتنامي للحزب الدستوري الحر و التنظيمات التي برزت في الفترة الأخيرة، و السعي الحثيث على تفكيك الوحدة الوطنية لتحقيق التآمر ضدّ حركة الانقاذ الشعبي من الوضع المزري الذي اكتسح تونس منذ سنة 2011 في جميع الميادين و على كل الاصعدة.
إن نظام الحكم المعتمد منذ سنة 2011، و دستور 2014، و قانون الانتخاب و التمثيل النسبي و تنقيح القانون الانتخابي المصادق عليه مؤخرا من طرف مجلس نواب الشعب لإقصاء المنافسين الحقيقيين و الوطنيين من الاستحقاقات السياسية المقبلة، كلهم عدموا الأركان، لم يستجيبوا لتطلعات الشعب، بل يساعدوا الاحزاب الحاكمة من توجيه الشعب حسب إرادتها و مشيئتها و معاقبته بمنعه من ممارسة حقه الانتخابي بكل حرية وإقصاء بدون حق لمنافسين يمكن للشعب أن يرى فيهم الكفاءات المرغوب فيها، أضفي على ما اغتصبه الأحزاب، المتداولة على الحكم طيلة الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى اليوم، صفة المشروعية حسبما صرحت به الحكومات المتعاقبة.
كما سعى جماعة الاسلام السياسي جاهدين أنفسهم و محاولين بشتى الطرق و الوسائل طمس نضال الشعب التونسي ضد الاستعمار الفرنسي و تحرير البلاد و بناء الدولة الحديثة و تسدل عليه ستارا من النسيان و هي تهدف من وراء هذا كله إلى إبراز تاريخ مزيف معتمد أساسا على الإفتراء، وتبرز نفسها على أنها “المهدي المنتظر” منقذ تونس. لكن هذه الجماعة المتاجرة بالدين و الأطراف المتوافقة معها فشلت على جميع المستويات و سارعت للكذب و تزييف الواقع. لكن الشعب التونسي استيقظ من سباته و لم يعد يثق في جماعة الاسلام السياسي و من ولاهم.
اليوم تونس حزينة مما يجري على الساحة السياسية الوطنية و بالخصوص تنقيح بعض فصول القانون الانتخابي بطريقة منافية لأحكام الدستور و القوانين، تنقيح على مقاس الاحزاب الحاكمة قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية و الرئاسية. هذا التنقيح في الوقت الحالي ليس سواء عملية تحيل لإقصاء بعض المنافسين الذين أصبحوا يتصدرون المراتب الأولى المعلن عنها من طرف بعض مؤسسات سبر الآراء.
كما أربك الخطاب السياسي، للمعارضين الانف ذكرهم، الاحزاب الحاكمة. هذه الأحزاب التي تداولت على الحكم منذ سنة 2011 امتازت بتغليب المصالح الفردية و الحزبية و عدم إيلاء المصلحة الجماعية و الوطنية الأهميّة التي تستحق، مما أدى إلى عجزها و فشلها في مسار و تسيير دواليب الدولة.
تونس حزينة أيضا لضرب الديمقراطية عند الشعور بالخطر و التهديد أمام امتحان عسير باعتبار أن المنافسين الذين برزوا على الساحة و من بينهم الحزب الدستوري الحر أصبحوا يشكلون خطرا على الاحزاب الفاشلة التي لم تجد بدا إلّا التوجه للتلاعب بالقانون الانتخابي لأن هذه الأحزاب الفاشلة صراعهم من أجل الكرسي فقط و ليس من أجل تونس وشعبها. فلعبتهم تختلف عن غيرها من أنواع اللهو واللعب في عدة نواح مهمة و هي :
- لكل حزب في هذه اللعبة أهدافه الخاصة التي تختلف عن أهداف الآخرين، كما أن تحقيق هذه الأهداف هو مقياس نجاحه.
- و كل حزب لاعب في هذه اللّعبة مجبر بظروفه داخل حزبه على القيام بأعمال وتحركات ضمن مجال اللعبة دون أن يكون لها علاقة بأسباب النجاح، بل أن تقلل من فرصة النجاح نفسه.
- في لعبتها، الأحزاب التي تداولت على السلطة منذ سنة 2011 الى اليوم، لا يوجد فائزون بل الكل خاسرون، لهذا لم يكن حرص كل حزب لاعب على النجاح بقدر ما هو تجنب التفريط في السلطة و خسارة المصالح.
فالأحزاب الجديدة المعارض سابقة الذكر و قياداتها و إطاراتها وقواعدها و منخرطيها وكافة شرائح أفراد الشعب الملتفّين من حولها كلهم عبير موسي و نبيل القروي و ألفة التراس دون استثناء، لأن هؤلاء يعبرون عن احاسيس عدد كبير من أفراد الشعب التونسي و قناعتهم و ما يخالجهم من تخوّفات على مصير تونس و سلامة شعبها، و مستقبل أبناءها و ضمان أمنها. كل هؤلاء يد واحدة و سدّ منيع للتصدي للمؤامرة الدّنيئة المحبكة ضدّ تونس و العمل على كشف و وضع حدّ للتاريخ المزيف الذي أراد أن يصنعه المتآمرون على تونس و تاريخ نضالها. هذا التاريخ النضالي الثري و المشرّف لا يمكن أن يسرق و يزيّف ثماره.
و تجدر الإشارة إلى أن خريطة طريق الحزب الدستوري الحر واضحة المعالم لا لبس فيها ولا تردد و لا تلعثم. كما أن الخط السياسي للحزب ثابت على المبادئ الدستورية الصحيحة، و هناك لدى قيادات الحزب إرادة سياسية قوية، بالتعاون مع كافة أفراد الشعب الكادحين، من أجل إنقاذ تونس و شعبها من الدمار و الخراب و التهميش و التفرقة و التطرف و الإنحطاط و التقهقر و بث نار الفتنة التي تفشت في تونس منذ سنة 2011. إن الحزب الدستوري الحر اليوم بفضل التزام قياداته وإطاراته، وانضباط قواعده ومناضليه و بالتفاف شرائح واسعة من الشعب التونسي من حوله نساء و رجالا، شيبا و شبابا سوف يقف كالرجل و الواحد للتصدي لمنابع و أصول المؤامرة الشيطانية التي نذرت نفسها لتدمير تونس خدمة لعديد الأجندات الداخلية و الخارجية.
أصحاب هذه المؤامرات الظّلاميّة يعتمدون على قدرتهم في الكذب و الخداع و التخطيط لأن يستعبدوا عقول التونسيين لدرجة أن الشعب التونسي أخطأ في تصديقهم في سنة 2011 و هو اليوم يتحسر على أوضاعه. و رغم محاولات الإقصاء و التعديل الأخير المدرج على بعض فصول القانون الانتخابي للتخلص من المنافسين الحقيقيين للأحزاب الفاشلة التي اربكها خطاب الأستاذة عبير موسي، فإن قيادات الحزب الدستوري الحر تعد الشعب التونسي وعد شرف، انه بالتعاون و تضافر الجهود و وضع اليد في اليد مع كافة التونسيين، بالخلاص من الكابوس المرير الذي اكتسح البلاد منذ سنة 2011 و لا يزال متواصلا. و ما توفيقنا إلّا بالله.
*محمد بن عامر: مناضل دستوري و مدير عام سابق