تونس – “الوسط نيوز” – كتب : قيس بن سليمان
أستبشر عدد كبير من الناشطين على شبكة التواصل الأجتماعي الفايس بوك و من المهتمين بالشأن العام بحوار لطفي زيتون مستشار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي و الوزير في حكومة حمادي الجبالي و أعتبروها علامة على المراجعات التي يقودها عدد من أعضاء حركة النهضة في اتجاه أن تتحول الى حزب مدني و التخلص من الانتماء الى الاخوان المسلمين و الاسلام السياسي فقد أبدى زيتون عددا من المواقف الجريئة في علاقة النهضة بالدِّين و الدولة و المجتمع.
هذه الأفكار التي عبر عنها زيتون على شاشة الوطنية الأولى و على صفحات الزميلة الشارع المغاربي ليست جديدة فقد عبر عن الأفكار نفسها تقريبا في كتابه مع الدكتور عبدالجليل بوقرة الصادر قبل عامين عن دار برسبكتيف و الذين يعرفون لطفي زيتون عن قرب يقولون أن علاقته بعدد كبير من قيادات الحركة أصبحت فاترة في الأشهر الأخيرة بسبب مواقفه و آرائه التي لا تحظى بأي أجماع حولها فأفكاره مرفوضة من قواعد النهضة و من قياداتها إلا قلة قليلة و هو ما يفسر صعوده الى مجلس الشورى بعدد قليل من الأصوات.
* إرث متشدد
و إذا كان لطفي زيتون بتحدث بلغة حداثية و اصلاحية اليوم فإن هذا لا يمحو الإرث المتشدد لهذا القيادي الذي غادر تونس سنة 1990 نحو الجزائر و منها الى السودان و منها الى بريطانيا رفقة زعيم الحركة راشد الغنوشي الذي عمل مديرا لمكتبه طيلة سنوات و كان حافظ سره و لا أحد يتواصل مع الغنوشي دون المرور بلطفي زيتون المتهم في التخطيط لأغتيال بن علي بأستعمال صاروخ ستينغر و هي التهمة التي أعتبرها لطفي زيتون كيدية و غير منطقية كما كان لطفي زيتون فاعلا في قناة المحور التي تبث من لندن و هي على ملك التنظيم العالمي للاخوان المسلمين و هو ما يؤكد الموقع المهم الذي يتمتع به في منظومة الاخوان المسلمين.
أما بعد ما يعرف بالثورة فقد عرف بآرائه المتشددة و خطبه الحماسية ضد “الأزلام” و “العلمانيين” و بعد صعود حركة النهضة الى الحكم كان وراء اعتصام اعلام العار الذي حاصر فيه أنصار حركة النهضة و منصف المرزوقي بتدبير منه مؤسسة التلفزة التونسية طيلة شهرين تقريبا و هو الحصار الذي أدانته كل القوى التقدمية باعتباره اعتداء جماعي على أبناء مؤسسة التلفزة كما كان زيتون وراء حملة أكبس التي طالبت بمزيد من “تطهير” الإدارة التونسية من “الأزلام” كم ااستقال من الحكومة بعد أن اقترح حمادي الجبالي حكومة غير حزبية تكون مفتوحة للكفاءات بعيدا عن ضغوط حركة النهضة و هو ما واجهته الحركة بتعبئة أنصارها في شارع بورقيبة و تم تشبيه مبادرة حمادي الجبالي بانقلاب بن علي على بورقيبة بعد هذه المبادرة استقال زيتون.
فهل يمكن لمن كان يحمل هذا الإرث أن يتغير و أن يقوم بمراجعات حقيقية لتخليص حركة النهضة من إرثها الاخواني ؟
* المراجعة و التوقيت
نظريا لا شيء يمنع لطفي زيتون من القيام بمراجعات خاصة أنه من القلائل في حركة النهضة المدمنين على المطالعة باللغتين العربية و الأنجليزية و لكن التوقيت الذي ظهر فيه زيتون قد يجعل من تصريحاته مجرد تنفيس على الحركة التي تواجه ضغطا متزايدا بسبب الجهاز السري و المدارس القرآنية و تغولها في الإدارة و ظهور مجموعة محامون ضد التمكين مع سقوط حلفائها في ليبيا و تقدم قوات المشير حفتر نحو طرابلس و هو المعروف بدعوته لتجفيف منابع الاخوان المسلمين و تصنيفهم كحركة ارهابية و مطاردة القضاء الليبي لحليفهم عبدالكريم بالحاج الفار في تركيا التي بدأت بتسليم بعض المطلوبين من القضاء المصري الى القاهرة.
فقد يكون لطفي زيتون يبحث عن تخفيف الضغط على الحركة و أبرازها كحركة تضم أصواتا مدنية و اصلاحية في إطار توزيع الأدوار و ازدواجية الخطاب و هو أحد سمات الحركات الاخوانية المعروفة بصلابة و سرية التنظيم مع واجهة تسويقية.
و مهما كانت خلفية هذه التصريحات فإن الأيام القادمة ستكشف الحقيقة و مدى جدية ما قاله زيتون.