تونس – اونيفار نيوز حوار صحفي لافت، من حيث التوقيت و الوسيلة التي وقع اختيارھا و المضمون، ذلك الذي أدلى به الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لصحيفة l’opinion الفرنسية.
التوقيت يحيل إلى الازمة الحادة التي تجتازھا حاليا العلاقات الجزائرية- الفرنسية و إلى تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و إلى حد كبير العالم و أيضا إلى ما بعد غزة.
و اختيار الوسيلة يرتبط بالمعطى الأول أساسا و بحاجة النظام الجزائري إلى مخاطبة الرأي العام الغربي و إلى حد كبير ” عجزھ” عن التواصل مع الصحف الفرنسية الكبرى المرتبطة بمؤسسات الدولة العميقة في فرنسا و بالأحزاب الفاعلة و التيارات الإيديولوجية الوازنة في المشھد الفرنسي.
أھم ما في الحوار ھو التعبير عن استعداد الجزائر للتطبيع مع الكيان الصهيوني متى رأت دولة فلسطينية ” مكتملة الأركان ” الوجود.
موقف جديد و انقلاب كامل مقارنة بالمواقف الجزائرية السابقة منذ استقلال الجزائر و التي كانت أقرب إلى مواقف الرفض المطلق للقبول بشرعية الكيان و ھو ابتعاد عن مواقف ” محور المقاومة ” الذي لم تبق منھ كدولة إلا ايران و ھو خاصة تطابق كامل مع الموقف السعودي المعلن لحد الآن مع ما يعنيھ ذلك من تخلي الجزائر عن لعب دور متقدم في الخارطة العربية و قبولھا بريادة السعودية في ھذا المجال.
واضح أن الرئيس الجزائري يوجھ رسالة إلى دونالد ترامب مفادھا الرغبة في التقارب أكثر مع واشنطن و مزيد الابتعاد عن موسكو خاصة و أن العلاقة بين روسيا و الجزائر تشھد منذ أشھر فتورا و تنامي حالة من عدم الثقة المتبادلة. و لكن كيف سيتفاعل ترامب مع اشارات الرئيس الجزائري و ما ھو الثمن الذي يتعين على الجزائر دفعھ خاصة و أن سياسات ترامب تقوم على طلب الخضوع المطلق و المقايضة .
واضح أيضا أن الأزمة مع فرنسا، و التي تزداد حدة يوما بعد يوم، تلقي بظلالها على مواقف عبد المجيد تبون سواء في محاولة البحث عن تحالفات خارجية جديدة أو في تحميل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مسؤوليتھا من خلال تبني موقف الرباط من مسألة الصحراء الغربية و ھو ما اعتبرھ تبون ” خطأ حذرتھ منھ ” عبارة دون ما اعتاد النظام الجزائري استعمالھ في ” حروبھ اللفظية ” التي لا تنتھي ، و لا تنتج شيئا ، مع فرنسا .
لم يفوت الرئيس عبد المجيد تبون فرصة الحوار دون أن يوجھ رسالة للداخل الجزائري و للرأي العام الخارجي مفادھا أنھ سيحترم الدستور و لن يفكر بالتالي في عھدة رئاسية ثالثة بعد انتھاء العھدة الحالية. رسالة قد لا تجد آذانا صاغية من المؤسسة العسكرية الجزائرية صاحبة القول الفصل في النظام الجزائري و من الرأي العام الجزائري الذي تزداد القطيعة بينھ و بين النظام الجزائري.