تونس – “الوسط نيوز” – كتب : قيس بن سليمان
لم تعرف الشوارع الجزائرية منذ خريف 1988 أحتجاجات كالتي عرفتها يوم أوٌل أمس الجمعة و يتوقٌع أن تعرفها اليوم أيضا بعد تتالي الدعوات على شبكة الفايس بوك للتظاهر السلمي ضد ترشيح عبدالعزيز بوتفليقة للعهدة الخامسة على خلفية حالته الصحيٌة و طول رئاسته ( عشرين عاما).
هذه الأحتجاجات توزّعت بين كل ولايات الجزائر من الشمال الى الجنوب و الوسط و قد فاجأت في حجمها أحزاب الموالاة و أحزاب المعارضة على السواء و رغم أنٌها كانت أحتجاجات سلمية لم تسجّل فيها أي حالة صدام بين المتظاهرين و قوات الشرطة و الدرك و الجيش إلا أن مخاوف من أنزلاقها نحو العنف تجعل الجزائريين يحبسون أنفاسهم و هم الذين عاشوا عشر سنوات من الدم و الأغتيالات و الرصاص لم تتوقٌف إلا بتولي عبد العزيز بوتفليقة الحكم في ربيع 1999 و نجح في تنفيذ برنامج الوئام الأجتماعي و في إستيعاب الغاضبين و عودتهم الى حضن المجتمع بتخليهم عن السلاح ممٌا حول الإرهاب الى ظاهرة معزولة في الجبال و أطراف القرى و المدن.
الربيع لم يمر
بعد سنوات الأستقرار وبداية من جانفي 2011 تعرٌضت الجزائر الى محاولات تستهدف أستقرارها مثل أحداث غرداية و أحداث منطقة القبائل و أحداث الجنوب لكن نجحت الحكومة الجزائرية في استيعاب هذه المشاكل من خلال تماسك المؤسسة العسكرية و الأمنية و من خلال طرح مجموعة من الاصلاحات و المشاربع منها السكن الاجتماعي و التنمية المحلية في قطاع الفلاحة و تربية الماشية و الصناعات الفلاحية و تستعد الجزائر اليوم الى الدخول في مرحلة تصدير المنتوجات الفلاحية و كذلك انتعاش قطاع الصناعة.
فخلال ثماني سنوات نجحت الجزائر في حماية حدودها و حماية جيرانها من مخاطر تهريب السلاح بعد انهيار نظام القذافي و فتح مخازن السلاح أمام الارهابيين الذين حاولوا تهريبها للجزائر و لتونس كما فشلت محاولة المنطقة البترولية عين أميناس التي حاول من خلالها الإرهابيون استعراض قوتهم و تحدي الجيش الذي سحقهم في ساعات قليلة.
العهد الخامسة …ناقوس الخطر
أمام الحالة الصحيٌة المتدهورة للرئيس بوتفليقة أصبح من الصعب على أحزاب الائتلاف الحاكم اقناع الجزائريين من جديد ببوتفليقة رئيسا للبلاد بعد عشرين عاما من توليٌه هذا المنصب و رغم أن بوتفليقة أعترف بوضعه الصحي و بروز معطيات عن مشروع لتنقيح الدستور و أحداث منصب نائب للرئيس يساعده في إدارة البلاد إلا أن كل ذلك لم يقنع الجزائريين الذين خرجوا بالألاف للشوارع رافضين العهد الخامسة التي تصر بعض مراكز النفوذ في الحكم الى تمريرها.
العهدة الخامسة التي يبدو من الواضح أنٌها لن تمر قد تكون الباب الذي يدخل منه طاعون الخراب المسمى بالربيع العربي فقد تستعملها أطراف أجنبية متحالفة مع أطراف داخلية و خاصة الأسلاميين و بعض دعاة أنفصال منطقة القبائل لأستهداف أستقرار الجزائر التي حماها جيشها الشعبي و الدرك الوطني في التسعينات و هناك اليوم مخاوف من صراع الأجنحة الذي برز من خلال التحويرات المتواصلة في مؤسستي الجيش و الأمن.
فهل يسحب الرئيس ترشٌحه و يلتقي أطراف القرار من طبقة سياسية و جيش و أمن في الاتفاق حول شخصية بديلة لبوتفليقةَ حتى يقطع الطريق على ربيع الخراب المتربص منذ ثماني سنوات في الجزائر بتدبير دولي ؟
هذا ما يرجوه ليس الجزائريون فقط بل شعوب المغرب العربي خاصة أمام أصرار الولايات المتحدة الآمريكية على عودة الأرهابيين في سوريا الى بلدانهم فالتزامن بين عودة القتلة من سوريا و تحريك الشارع الجزائري قد يكون مقصودا فلا شيء متروك للصدفة في عالم السياسة و الحروب التي تصنع في غرف المخابرات !