في حين تنكر من كان يسبح بحمد الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي… رثاه أمس السياسي المعارض نجيب الشابي و ها هي الجامعية و الكاتبة ألفة يوسف ترثي هي بدورها الرئيس الأسبق الراحل الذي تم دفنه أمس في المملكة العربية السعودية.
و في ما يلي نص الرثاء كاملا:
“اذا انزعجتم، افضل ان تنسحبوا من الحساب بدل الشتم…
الآن وقد ووري الثرى، يمكن ان اتحدث عن بن علي من منظور ذاتي جدا. واعرف ان كلا يتحدث من منظوره الذاتي…
بن علي رحمه الله لم اره عن قرب الا مرتين، مرة حين اعطاني جائزة رئاسة الجمهورية في التبريز سنة 1989، ومرة حين زار جناح دار الكتب الوطنية لما كنت مديرتها سنة 2010…
من لطائف القدر ان التقيه فترة بدأ حكمه وعام انتهى حكمه…
لكن من لطائف القدر اني وانا التي لم أنتم الى التجمع، وانا التي لم اجالس الرجل قط، اشبع لسنوات بعد الثورة بالشتم على اساس اني من اقرب مقربيه ومقربي زوجته التي لم ارها ايضا الا مرتين، مرة يوم القيت محاضرة بقصر قرطاج، ومرة بمعرض الكتاب اذ كانت ترافق زوجها…
انا مواطنة بسيطة جدا من عائلة متوسطة سلاحي الوحيد نجاح ممتاز في مدارج الدراسة…تخرجت وبورقيبة في الحكم، واشتغلت وبن علي في الحكم…حصلت على منح من الدولة…اشتغلت مساعدة بالجامعة في سن ال23، وظللت اترقى مدارج المعرفة حتى غدوت استاذة تعليم عال سنة 2007. زمن بن علي، كان راتبي يزيد كل سنة، كنت اشتغل بتونس واقيم بسوسة، وآخذ الطريق السيارة احيانا بعد اجتماعات مضنية في العاشرة ليلا وانا مطمئنة شاعرة بالامن…زرت دور السينما والمسارح ومعارض الفن ولم يحدثني احد عن فن حرام او حلال…في عهدك سنة 1994، ودون اي علاقات، وبعد كاستينغ تلفزي، انضممت مع فريق من الشباب لتقديم برامج ضمن قناة 21، ولم تاتني تعليمات فيما اقدم رغم ان احدى حصصي صنصرت من قبل احد موظفي التلفزة الذي اصبح ثوريا جدا اليوم…بعد ذلك فوجئت بان طلبت مني سيرتي الذاتية سنة 2003 وانتخبت لاكون مديرة المعهد العالي لاطارات الطفولة وامضيت على راسه ست سنوات…لم اكن انفذ من التعليمات الا ما يعجبني، ولم يزعجني احد…ثم عينت مديرة دار الكتب الوطنية وانجزنا معرضا حول بورقيبة..خاصمت وعاركت وانتقدت إغلاقك بعض مواقع الانترنت، ولم يسجني احد…
وضعت ابنائي زمن بن علي في منظومة صحية تشتغل..اجرى افراد عائلتي عمليات جراحية في منظومة صحية تشتغل لا يضرب فيها المتوحشون الأطباء ولا يكسرون معدات المستشفيات…
شكرا سيدي الرئيس على 23 سنة من الامن والصحة والرخاء الاقتصادي، لقد كنت اتقاضى نصف مرتبي اليوم لاحيا افضل من اليوم بمرات كثيرة…شكرا لانك تركت 3000 مليون دينار في خزينة الدولة سرقها الثورجيون ونهبوا تونس وافلسوها…شكرا لانك لم ترهن تونس ديونا كما فعلوا…شكرا لانك منعت انقلاب الخوانجية سنة 1987، شكرا لانك منعت العدوى الارهابية الجزائرية من ان تصل الينا في التسعينيات…
لن اتكلم عن الحريات فلا اتصور ان من وضعوا في السجون ملائكة رحمة…جلهم ارهابي بالفعل أو بالقوة…من وضعتهم انت في السجون ارادوا قتلي يا سيادة الرئيس…فهم ليسوا ضحايا…
البعض الاخر من مناضلي الحريات، وانت تعرفهم سيدي الرئيس، كانوا ينتظرون اشارة منك حتى يأكلوا ويصمتوا…
اما عن الاعلام، فلا شك انك قبل وفاتك شاهدت الانحطاط الاخلاقي والاجتماعي الذي تقدمه بعض البرامج في تونس الثورة…
ولا شك انك شاهدت من كانوا يتزلفون لك وينافقونك ويحلمون بلقائك ينقلبون ويلعبون دور الثورجيين…انا لم اتزلف لك يوما في مجدك، وربما لا تعرف اسمي…لكن بعد رحيلك انحني امام رجل وطني خدم بلده ولم يخنه بل دفع ثمن الدفاع عن السيادة الوطنية…لا شك انك ككل البشر أخطأت، ومن منا لا يخطئ؟ ومن منا لا تثقل ظهره اكراهات السلطة؟ لكن هل اخطات اكثر ممن دفعوا بتونس الى الحضيض؟ لا اظن…
الاكيد انك كنت تحب تونس…وكثير من التونسيين يحبونك وان كانوا لا يجرؤون..اعذرهم…فهذه ارض الجبناء والمنافقين والانتهازيين.
نم هانئا بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم…اما نحن فسنواصل الجهاد الفكري السلمي من اجل دولة ابية صامدة…
الامضاء:
مواطنة تونسية من الطبقة الوسطى التي قضوا عليها…ومن النخبة التعليمية التي يشتمونها صباح مساء…ويوم الأحد…”