
واشنطن غير مرتاحة لتطور علاقات تونس مع طھران ، بكين و موسكو…؟؟!!
تونس -أونيفار نيوز-يصعب أن يتعامل كل متابع للشأن العام بلامبالاة مع ما طغى على استقبال الرئيس قيس سعيد لكبير مستشاري دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، مسعد بولس، من مشھدية تجسدت في الصورة التي ” استقبل ” بھا سعيد ضيفھ و التي تجسد حالة المعاناة و الجوع و القتل الممنھج التي يتعرض لها سكان قطاع غزة. أكيد أن الصورة صادمة للضمير الانساني و لكن وقعھا الصادم قد يكون أصاب أيضا ” الضيف ” الأمريكي لا في مستوى وجدانھ و ” ضميرھ “، لأن البرود الوجداني و العاطفي الذي يتحكم في الادارات الامريكية المتعاقبة لا يمنح مكانا للقيم و المشاعر، بل لأن التلويح بالصورة في وجھ ” الضيف ” ھو “رسالة ” إدانة واضحة لواشنطن و ھو أيضا إشارة إلى وجود تباين حقيقي في الرؤى بين تونس و واشنطن و خاصة اعتماد الرئيس التونسي مبدأ خير وسيلة للدفاع ھي الھجوم .ذلك أن العلاقة بين تونس و واشنطن تعيش منذ أشھر حالة مفارقة معلومة بين تطور كبير في المجالين الأمني و العسكري مع وجود فتور واضح في كل ما يتصل بالمجال السياسي. تونس تعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد التدخل في شؤونھا الداخلية كلما كان ھناك حديث من واشنطن عن الحريات و الديمقراطية رغم أن ذلك لا يبدو من أولويات دونالد ترامب المھوس أكثر بفرض ” ترتيبات ” أمنية و تجارية على الجميع. مقاربة دونالد ترامب لا تؤمن بالحوار و التفاوض لأن الرجل ينظر للكرة الأرضية بوصفھا ليست أكثر من ” مزرعة ” للولايات المتحدة الأمريكية بل لھ شخصيا. و لا شك أن التلويح في وجھ مبعوثھ الشخصي و صھرھ بصورة تدين سياساتھ في فلسطين لا يمكن أن يتقبلھ بارتياح بصرف النظر عن اللقطة من الناحية الأخلاقية و ربما اقتصارھا على رغبة في توظيفھا داخليا . التلويح بالصورة أعاد إلى سطح المخيال التونسي بعض تفاصيل لقاء مماثل جمع سنة 2008 و في نفس القاعة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي و وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس. لقاء كان باردا في برودة الموت لأن الرئيس التونسي أدان السياسات الأمريكية في العراق و فلسطين و غوانتنامو في الوقت الذي كانت ترغب فيھ الوزيرة الأمريكية الحديث ، بلغة الأمر و النھي، عن الوضع السياسي في تونس. اشھر معدودات بعد ذلك اللقاء كان زين العابدين بن علي خارج السلطة و بعيدا عن تونس نتيجة تحركات لا يمكن إخفاء الدور الأمريكي فيھا خاصة و أن ما وراء حديث العم سام عن الديمقراطية و حقوق الإنسان كان فرض ” ترتيبات ” جديدة للمنطقة ضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد. ليس اليوم كالبارحة ، ھذا أمر مؤكد، و لكن نقطة الالتقاء تتمثل في وجود ” ترتيبات ” تريد واشنطن فرضھا في المنطقة. من الضروري التذكير ھنا ان مسعود بولس زار تونس في إطار جولة موسعة و شاملة لمنطقة شمال إفريقيا و حين نضيف إلى ذلك إتصالات قام بها مع وزراء خارجية قطر و المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة ندرك أن ھذھ الجولة ستعقبھا قرارات و استراتيجيات و ھناك مؤشرات تؤكد ذلك. الخطاب السياسي الأمريكي تعمد في الأشھر الماضية التركيز على الاھمية الاستراتيجية للعلاقات التونسية-الأمريكية و أيضا أھمية المتوسط بالنسبة للمصالح الأمريكية و حين نضيف إلى ذلك قاعدة أساسية في ” العقيدة الأمنية ” الأمريكية مفادھا ان كل ما يحدث في العالم يھم الامن القومي الأمريكي و الكشف عن وثائق تشير إلى الجھد الأمريكي لإبعاد تونس عن موسكو ، منذ ستينيات القرن الماضي، نفھم أن واشنطن لا تنظر بعين الارتياح لتطور علاقات تونس مع طھران و بكين و موسكو. واضح أيضا أن مستقبل العلاقات بين الجزائر و واشنطن مرشح لأن يعرف تطورات جديدة في الأيام القادمة و ھو ما يبرز في دعوة بعض مراكز القرار في واشنطن إلى تقارب مع الجزائر و حرص السلطة الجزائرية على الإشارة إلى فتور واضح في علاقاتھا مع موسكو في رسالة واضحة بالاستعداد للتقارب توجھھا إلى واشنطن. الملف الليبي أيضا من أھم الملفات في مجال ” ترتيبات ” واشنطن لأن ليبيا بوابة افريقيا و ھي خاصة كنز معادن و ثروات مھمة في صراع الھيمنة الاقتصادية. ملفات متقاطعة و متشابكة يفرض التعامل معها عدم التركيز على ” الصور ” و العودة إلى قاعدة أساسية و بديھية في الممارسة السياسية و ھي أن نجاح كل توجھ سياسي يبقى رھين توفير الامكانيات الضرورية لتكريسھ …فھل تملك تونس امكانيات سياساتھا الخارجية؟؟؟