بعد أربع سنوات من أنتصاب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج في طرابلس الحائزة على الأعتراف الأممي أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر المسنود من مجلس النواب السلطة الوحيدة المنتخبة في البلاد التخلي عن أتفاق الصخيرات و إسقاط الأعتراف بحكومة الصخيرات وبالتالي العودة إلى ما قبل الصخيرات وأعلانه تولي الجيش السلطة في البلاد.
هذه الخطوة التي أعلنها حفتر والتي تدعمها بعض القبائل في ليبيا تعيد ترتيب الأوراق من جديد فليبيا اليوم أمام ثلاث قوى رئيسية؛ حكومة السراج المسنودة ب”الشرعية” الدولية ومجلس النواب الليبي بحكومته المؤقتة التي يرأسها عبدالله الثني في بن غازي مع الجيش الذي يقوده حفتر والقوة الثالثة يقودها أنصار النظام الجماهيري الذين يرشحون سيف الأسلام القذافي لقيادة ليبيا من جديد و القطع مع منظومة فبراير التي مزقت البلاد وهؤلاء ولئن يعوزهم الأعتراف الدولي ورغم أن عددا كبيرا منهم أنضم أما لمساندة السراج أو حفتر إلا أنهم يشكلون قوة شعبية على الأرض.
تخلي حفتر عن الاتفاق السياسي بعد أربع سنوات من المفاوضات يعني أنه لا يرى في حكومة السراج طرفا يمكن التفاوض معه من جديد وبالتالي عدم الأعتراف بهذه الحكومة و أعتبار الحسم العسكري هو الحل الوحيد يعني أن البلاد تسير نحو حرب أهلية طاحنة فلا أحد من الطرفين بين بن غازي و طرابلس مستعد للتنازل كما أن الأطراف الخارجية تغذي هذا النزاع فحكومة السراج لا تملك أي نفوذ على الأرض والمساحة التي تحكمها محدودة جدا لكنها مدعومة ب”الشرعية الدولية” ومدعومة ماليا وعسكريا بتركيا وقطر وعمليا بميلشيات الأخوان المسلمين وهؤلاء لا يمكن أن يتنازلوا عن دعم السراج الذي يمثل واجهة لهم و ورقة متاجرة بالأعتراف الدولي في حين عجز الجيش الليبي على بسط نفوذه في العاصمة طرابلس بعد عام من الحصار.
و رغم أن القوى الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية تدعي أنها لا تريد تقسيم ليبيا لكن عمليا هذا التقسيم متجسد في الواقع وقد تعود ليبيا إلى ما قبل سنة 1949عندما كانت تشكل ثلاثة أقاليم طرابلس وبرقة وفزان فتواصل الأزمة الليبية وغياب المبعوث الدولي وتنامي أطماع تركيا التي تعتبر ليبيا بوابتها لأفريقيا ولمواجهة أوروبا قد يشعل فتيل الحرب الأهلية التي قد تنتهي بتقسيم ليبيا.
و ما يعمق المأساة الليبية ضعف دول الجوار وغياب القدرة على فرض الحل فمصر ترفض الأعتراف بحكومة السراج المتحالفة مع تركيا و تونس و رغم ما تعلنه رسميا من حياد فإنها عمليا مصطفة مع السراج ولا تتواصل إلا معه.
و تبقى الجزائر إلى حد الآن هي البلد الوحيد الذي يتعامل مع طرفي النزاع بنفس القدر وكاد أن يصل إلى حل لولا السلاح الذي يتدفق على ليبيا و قدأشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حوار مع التلفزيون الجزائري بث مساء الجمعة أن من يريد حل النزاع في ليبيا يحب أن لا يكون ممرا للسلاح نحوها.
و لا يعرف من المقصود بكلمة تبون وماهي الدولة المقصودة من دول الجوار.!