
.لو لم يفرض كتاب السدّ في في امتحانات الباكالوريا سنويّا لما كان للمسعدي الانتشار الذي له بين التلاميذ...
.الطبعة الأولى من كتاب السد بقيت تتسكّع في الأسواق إلى أن أدرج في برامج التعليم…...
تونس -أونيفارنيوز-في كتابه الجديد (زيتونيون معاصرون في خضم معارك التنوير، اركاديا 2025) كشف الكاتب انس الشابي ان الكاتب محمود المسعدي حاول إقصاء الأدباء والكتاب التونسيّين من البرامج الدراسيّة حتى يبقى وحده في الساحة وينفرد بعقول وذائقة التلاميذ إلا أنّه لم يتمكّن من ذلك لأنّ دولة الاستقلال كانت حريصة على إثبات الذاتيّة التونسيّة وامتداداتها التاريخيّة خصوصا في التعليم لبناء جيل معتزّ بماضيه وشخوصه.
وضمن هذا الهدف الذي يربط الأجيال ببعضها من خلال النصوص حشر محمود المسعدي كتابه السدّ في البرامج الدراسية وميّزه عن غيره، ولولا فرضه في امتحانات الباكالوريا سنويّا لما كان للمسعدي الانتشار الذي له بين التلاميذ خصوصا لأنّ الكتاب في حدّ ذاته لا يحمل أية إضافة معرفيّة أو لغويّة فقد صدرت طبعته الأولى سنة 1955 وبقيت تتسكّع في الأسواق إلى أن أدرج في برامج التعليم لتصدر طبعته الثانية سنة 1974 أي بعد حوالي 20 سنة، والمتأمل في طبعة أعماله الكاملة الصادرة عن وزارة الثقافة سنة 2003 يلحظ أنّ الناشر أكثر من الفراغات والبياض بجانب تكبير الحروف حتى يضخّم من عدد الصفحات للتغطية على تواضعها الكمّي، والناظر في أسلوب المسعدي يلحظ أنّه فيما يكتب يتكلّـف في اختيار ألفاظه ويستعمل الغموض الذي لا يُسلم إلى أيِّ معنى مباشر أو رمزي ففي تعريفه للثقافة مثلا يقول بأنّها: “نتاج الفكر البشري الشامل عندما يحاول استخلاص نتائج مغامراته الدامية، هي النظريّة التي ينتهي إليها العالم بعد التجربة المليئة بالمصاعب والأخطار، هي قوّة الرّوح التي تتغلّب على المادّة وعلى التجربة والواقع…” وهو تعـريف لا نظير له ولا شبيه فيما نعلم، هذا الغموض الذي عُـرف به المسعدي أشار إليه طه حسين في مقاله القصير بقوله: “والأثر التونسي الذي أريد أن أتحدّث عنه اليوم قصة تمثيليّة رائعة ولكنّها غريبة كلّ الغرابة… وحسبك أنّي قرأتها مرّتين ثم احتجت إلى أن أعيد النظر فيها قبل أن أملي الحديث وهي بالأدب الجدّ عسير أشبه منها بأيّ شيء آخر… وكم كنت أتمنّى أن تكون لغة المؤلّف أيسر شيئا ما ممّا هي… فأضاف عسير اللّفظ إلى عسير المعنى وعسير الأسلوب… شعر كلّها ولكنّه شعر غير منظوم… وهو إلى الشعر الفرنسي المطلق أدنى منه إلى أيّ شيء آخر… وإن لم أثق كلّ الثقة بأنّي فهمت القصّة في يسر كما فهماها (يقصد المحجوب بن ميلاد والشاذلي القليبي).
يشار وان ما كشفه الكاتب انس الشابي قد آثار جدلا كبيرا لدى من وصفهم بعشاق المتون الصفراء.