
تونس -أونيفار نيوز-كشفت مجلة كابيتال مؤخرا في تقرير لها وقوع تراجع ملحوظ في سعر خام “البرنت’ ليصل الى أدنى مستوى له هذا العام _65 دولاراً_.
وتتوقّع وزارة الطاقة الأمريكية استمرار المنحى التنازلي للنفط، غقد ينخفض سعر البرميل إلى 58 دولاراً في الربع الأخير من عام 2025، ليقترب من 50 دولاراً مع حلول 2026.وهو تراجع يجد تبريره في وفرة الانتاج لاسيما وان الوكالة الدولية للطاقة تتوقع تسجيل فائضاً بـ1,4 مليون برميل يومياً في 2025، ليرتفع إلى 2 مليون برميل في 2026، إضافةً إلى قرار «أوبك+» بالترفيع في إنتاجها في شهر سبتمبر.
أما بالنسبة لتونس، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الطاقية، فيمثل الهبوط الحاد في سعر البرميل متنفساً حقيقياً للاقتصاد التونسي . فالبلاد تغطي عبر الاستيراد حوالي 50% من حاجاتها الطاقية. وكل تراجع بـ10 دولارات في سعر البرميل يخفّض من فاتورة الطاقة بمئات ملايين الدنانير، مما يساهم في تقليص العجز التجاري المزمن. كما يساهم انخفاض اسعار النفط في الحد من كلفة دعم المحروقات ومن التضخم.وهو ما يمنح متنفساً للمالية العمومية المثقلة بالصغوطات.
ما يثير القلق والخوف ان المكاسب الظاهرية قد تخفي انعكاسات سلبية. لاسيما وان انخفاض أسعار النفط بشكل متواصل يهدد شركاء تونس الاستراتيجيين، وعلى رأسهم الجزائر وليبيا، اللتين تعتمد موازناتهما بدرجة كبيرة على مداخيل المحروقات. وهذا من شأنه أن يقيّد قدرتهما على الاستثمار أو تقديم الدعم المالي لتونس. فضلا عن ذلك انخفاض الأسعار قد يؤجل الانتقال الطاقي المتأخر أصلاً في تونس.
من ناحية أخرى هناك معطيات جيوسياسية أثرت بدون منازع على سعر النفط.فعدة دول تحبس انفاسها في أنتظار تداعيات لقاء بوتين وترامب. فالتوافق بين بوتين وترامب يعني اغراق السوق بالنفط الروسي وبالتالي تواصل انهيار الأسعار . أما في حال تصاعد التوترات العسكرية أو الدبلوماسية، فقد تشهد الأسعار قفزة مفاجئة. وكما يؤكد ستيف نالي، مدير وكالة معلومات الطاقة الأمريكية: «سوق النفط يخضع لدرجة عالية من عدم اليقين».
ما نقف عنده من استنتاجات هو ان وصول النفط إلى 50 دولاراً يمنح تونس متنفساً اقتصادياً سريعاً، لكنه قد يفاقم في المقابل هشاشتها الهيكلية. صحيح أن فاتورة الطاقة والدعم ستشهد تراجعاً، لكن البلاد ستبقى عرضة للصدمات الخارجية ولتصدع علاقاتها مع شركائها الطاقيين.
وان التحدي الأكبر بالنسبة لتونس هو تحويل هذا الظرف المؤقت إلى استراتيجية طويلة المدى، عبر تسريع الانتقال الطاقي وتنويع مصادر التزويد، وإلا ستظل تونس رهينة تقلبات سوق عالمي غير مستقر، قادر على زعزعة توازنها الهش.