.هل البنية الاقتصادية التونسية مؤهلة للتحول الطاقي عبر الهيدروجين الاخضر؟؟؟
تونس -أونيفار نيوز-الهيدروجين الأخضر يصفه البعض بأنّه مصدر الطاقة المستقبلي و يعتبرونه صديق للبيئة و هو الهيدروجين الذي يتمّ إنتاجه من خلال الطاقة المتجدّدة مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و يتولّد عبر التحليل الكهربائي للمياه .
لكن بمراجعة مسارات التداول في الموضوع نجد أنّه ملف أوروبي بإمتياز حيث يندرج ضمن الإستراتيجيات الأوروبية في البحث عن بدائل للغاز الروسي التي اعتمدت على الهيدروجين الأخضر منذ جوان 2020 و في نفس الوقت الإستراتيجيات على مستوى كل دولة أوروبية و تكثّفت المساعي الأوروبية و الألمانية خاصة بعد إندلاع الحرب في أوكرانيا فيفري 2022 .
وزارة الصناعة و الطاقة و المناجم بالتّعاون مع وكالة التعاون الفنّي الألماني GIZ بلورت الإستراتجية الوطنية للهيدروجين الأخضر و هي إستراتيجية تهدف إلى إنتاج 8 ملايين طن من الهيروجين الأخضر في حدود سنة 2050 يتمّ تصدير 6 ملايين طن منها إلى أوروبا .
تعقيبا على هذه الموضوع قال الاستاذ علي بن عمر ان الكلفة المالية لهذه الإستراتجية تقدّر ب 117 مليار يورو أي 386 مليار دينار بالسعر الحالي للدينار و هذه المبالغ سيتمّ طبعا توفيرها بالخصوص عبر الديون من المؤسسات المالية الأوروبية .
و بالطبع أوروبا ستقوم عبر شركاتها ببيعنا التجهيزات و الدراسات الفنيّة و تكنولوجيا الإنتاج و ستتولّى و الصيانة و الـتّعهد .وليس هذا فقط فأوروبا ستفرض أسعار الهيدروجين و قبلها نسب الفائدة للقروض .
يبقى السؤال هل لتونس مصلحة في ذلك؟؟
الثابت ان تونس لتنفيذ هذه المشاريع ستوفّر الموارد الطبيعية الأرض و المياه و البحر و ستتحمّل التبعات البيئية و الإجتماعية و المالية و مديونية ثقيلة سترهن الأجيال القادمة لعدة عقود و هو بالضبط نموذج الإستغلال الإستعماري لبلداننا منذ قرابة القرنين .
ما يثير الجدل ان في تونس يروّج للهيدروجين الأخضر و تصديره نحو أوروبا كمدخل للتنمية و هو في الحقيقة إستنزاف لمواردنا المائية الشحيحة في ظل الإجهاد المائي الذي تعيشه تونس. و تكريس للتبعية الغذائية و تعميقا للمديونية.لكن ليس ذلك فقط فالتبعات البيئية للهيدروجين الاخضر خطيرة جداً فالى جانب استنزافها للمياه فهي ستاتي على الثروات البحرية….
يبقى السؤال هل يعني ذلك إن تتخلى تونس عن هذه المشاريع؟؟
لا يختلف اثنان ان البنية التونسية التحتية والاقتصادية غير مهيئة للتحوّل الطاقي الذي يروّج له البعض عبر الهيدروجين الاخضر؟
والاكيد ان الحيلة ليست في التخلي وانما في وضع استراتيجية في هذا المجال خاضعة فقط لمعيار المصلحة الوطنية و أن تنجز حسب إمكانية تونس دون تداين مفرط أو تبعية و أن تكون محلّ تداول و نقاش وطني واسع من الخبراء الحقيقيين؟؟
للتذكير فان تونس امضت اتفاقية تسمح بموجبها بمد خط أنابيب للهيدروجين يربط شمال أفريقيا وأوروبا طبقا لتصريح صادر عن وزارة الخارجية والطاقة الايطالية.