تونس -اونيفار نيوز-حول فتنة الدين والسياسة لدى الشعوب العربية اعتبر المحامي والاستاذ اكرم الزريبي انه على عكس المجتمعات الغربية التي نجحت، منذ عصر التنوير المسمى بالايطالية L’illuminismo في القرن الثامن عشر، في حسم دور الدين في الشأن العام، فشلت المجتمعات العربية الى اليوم في ضمان استقرار ثقافي لأفرادها بعيدا عن فتنة الدين والسياسة، وبقيت القضية الدينية حاضرة على جبهة التجاذبات الأيديولوجية، تذكي لهيب الاحتقان، وتؤسّس باستمرار لبيئة عاجزة عن تحقيق كرامة الفرد وحريته ورفاهية عيشه.
والسبب يكمن في عاملين أساسيين:
اولا اشتراك كلّ من دعاة “الاسلام السياسي” وأعداء هذا “الفكر” في استبطان مفهوم واحد وخاطئ للاسلام، مبني على التراث المحرّف لجوهر الاسلام المستمد حصريا من القرآن بوصفه كتاب الله تعالى الذي أنزله هدى للناس.
ثانيا اشتراك المجموعتين في تبني ثقافة مشابهة قائمة على العنف وإلغاء الآخر وتشويهه ورفض فكرة التداول السلمي على الحكم مع السعي الدائم لخلق شخصية كاريزماتيكية يستكين خلفها عموم الشعب فيقدسونها قداسة العابد في المِحْراب، لأنهما في الواقع نهلا من الثقافة التراثية نفسها.
فهذان العاملان جعلا الصراع بين “الإسلاميين” و”الحداثيين” ينحصر في حلقة مفرغة شديدة الغليان. كلاهما ليس قادرًا على صياغة تصوّر عقلاني للدين يُنَقِّيه من شوائب الخرافة وأكاذيب المُحدِّثين وأدعياء الفقه من الذين صاغوا اطروحات انخدعت بها الجماهير على مدى قرون نجحوا بفضلها في إلغاء دور العقل وإذكاء روح الخمول والاستسلام حتى تحوّلت هذه المجتمعات الى شعوب بسيطة التفكير سهلة الانخداع ومهيّئة فطريّا للوقوع فريسة التحيّل، سواء أكان تحيلا باسم الدين او باسم الحداثة او باسم القومية.
وكلاهما أيضا متشبّع بثقافة العنف التي تجعله دائما لا يرى مصدر العنف الا في خصمه ويدرء العنف عن نفسه، ولذلك فكلما استولى طرف منهم على السلطة انتعشت شعبية الطرف الاخر، لأنّ الشعب البسيط يميل فطريا لنصرة من يحسب انه مستضعف، حينما يستفيق من غفوة الخديعة.