
حول الجدل القائم بخصوص عدم تمرير مشروع القانون المتعلق بالعفو في مادة الشيكات اعتبر القاضي “الطاهر بن تركية” ان هناك مجموعة من المعطيات القانونية في علاقة بمعضلة الشيكات بدون رصيد وهي :
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يعد أهم ركيزة من ركائز حقوق الإنسان ينص في المادة 11 “لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي” هذا يعني أن العجز عن الوفاء بالتزام ناتج عن علاقة تعاقدية لا يشكل جريمة تستوجب العقاب الجزائي خصوصاً عندما تكون هذه العقوبة سالبة للحرية اي أن حبس المدين والتنفيذ على ذاته البشرية يخالف الاتفاقية الدولية المشار إليها والتي صادقت عليها الدولة التونسية.
مع الإشارة وأن المعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف التشريع الوطني تأتي من حيث الترتيب التفاضلي لمصادر القانون sources de droits مباشرة بعد الدستور وقبل جميع القوانين من حيث التطبيق.
الحبس المسلط على المدين بمبلغ الشيك، وهو الساحب tireur، هو إكراه على الوفاء بما التزم به لصالح المستفيد من الشيك bénéficiaire (الدائن) وذلك بالضغط عليه ذاتيا من خلال سلب حريته، فحبس ساحب الشيك (المدين) يعتبر وسيلة ضغط لحمله كرها على الوفاء بدينه الذي هو في الأصل التزام مدني تعاقدي obligation civile contractuelle ناتج عن شراء أو قرض أو غير ذلك من العقود المسماة أو غير المسماة Contrats nommés ou innommés، وربما يكون الشيك نتيجة معاملة غير مباحة أصلا مثلا الربا l’usure،
فهل يمكن اعتبار المرابي متضررا من عدم خلاص الشيك وإكراه المدين بالسجن؟
بالاظافة الى ذلك فإن معظم الشيكات الراجعة بدون خلاص هي شيكات سلمت على وجه الضمان chèques de garantie وبالتالي فإن المستفيد هو مساهم لا محالة في عدم الخلاص والقاعدة الأصولية تقول بأنه لا يمكن لأحد أن ينتفع من خطأه الفاحش nul ne peut se prévaloir de sa turpitude وغيرها من التطبيقات الغير سليمة في مادة الشيكات..
هذا يعني أن الحصانة المطلقة الممنوحة للشيك مهما كان سبب الدين فيه سوء تقدير ينتج لا محالة تعسفا في حق المدين المعسر في ظرف اقتصادي صعب واستثنائي..
في كلمة، الجرائم الاقتصادية، بما في ذلك جريمة الشيك بدون رصيد، يجب إخراجها من نطاق العقوبة السالبة للحرية وليس من نطاق التجريم.