ألقى المكلف بمهام رئيس الجمهورية محمد الناصر كلمة منذ قليل بمناسبة أنطلاق الحملة الأنتخابية الرئاسية التي ستنطلق يوم الأحد 1 سبتمبر و أكد محمد الناصر في كلمته على خطورة التشكيك في أستقلالية القضاء والأمن على خلفيات ما عرفته البلاد من مستجدات جعلت الكثيرين يشككون في أستقلالية القضاء و الأمن و أتهام بعض الجهات بتوظيف القضاء و الأمن لتصفية الخصوم السياسيين.
و قد أكد محمد الناصر على أن مثل هذه السلوكات و هذا المناخ من شأنه أن يمس من مصداقية العملية السياسية و دعا محمد الناصر الهيئة العليا المستقلة للأنتخابات و الهيئة العليا الأعلام السمعي البصري إلى ضرورة الحرص على تطبيق القانون و ضمان أستقلالية الأجهزة المؤثرة في سير الأنتخابات كما دعا محمد الناصر في كلمته المواطن التونسي إلى ضرورة المشاركة في الأنتخابات لأنها هي السبيل الوحيد لتغييرحياة التونسيين و هذا نص الكلمة:
“أيّها المواطنون أيتها المواطنات،
تنطلق بداية من يوم 02 سبتمبر الحملة الإنتخابيّة لإنتخاب رئيس الجمهوريّة.
و في الواقع لقد انطلقت هذه الحملة منذ مدّة، و قبل أوانها، على مرأى و مسمع الجميع و قد تزامنت هذه الحملة خلال الأسبوع الفارط مع أحداث أثارت انتقادات و احترازات في الأوساط السّياسيّة و النّقابيّة و الإعلاميّة. و إن كان ذلك شيء عاديّ في مجتمع ديمقراطيٍّ فإنّ الأهمّ هو إنعكاسات تزامن تلك الأحداث مع موعد الإنطلاق الرّسمي للحملة الإنتخابيّة الرئاسيّة ممّا أثار الحيرة في النّفوس و التّشكيك في مصداقيّة الإنتخابات من خلال التّشكيك في حياد أجهزة الدّولة و حتّى في أجهزة القضاء.
هذا أمر لا تخفى عنّا خطورته، ممّا جعلني أتوجّه إليكم بهذه الكلمة من منطلق مسؤوليّاتي الدّستوريّة كرئيس للدولة و ذلك للتّأكيد على أن ما قيل و ما كُتِب حول الأحداث الّتي جدّت في الأسبوع الماضي يدخل في إطار المساومات المغرضة و المسمومة المتّصلة بالحملة الإنتخابيّة و الّتي يجب حصرُها في حجمها الظّرفي دون أن نغفل عن تداعياتها الخطيرة على تعكير جوّ الإنتخابات و بالخصوص على المساس بمصداقيّة هذه الإنتخابات.
إنّ التّشكيك في مصداقيّة الإنتخابات هو تشكيك في نزاهة أجهزة الدّولة و حيادها و هو تشكيك نرفضه بشدّة لما يحمله من بذور تقويض ما بنيناه و زعزعة المسار الدّيمقراطي الّذي شرعنا فيه.
فلا مجال للتّشكيك في نزاهة أجهزة الدّولة بما في ذلك نزاهة القضاء و الأمن فالتّشكيك في نزاهة أجهزة الدّولة و حيادها يمسّ من مصداقية الدّولة ككلّ و من ثقة الموطن فيها و يهدّد المكاسب الدّيمقراطية و الأمن و الإستقرار الذي حقّقناه في هذه البلاد.
لذلك و من منطلق أن تونس دولة مدنيّة تقوم على المواطنة و إرادة الشّعب و علويّة القانون رأيت أن أتوجّه للشّعب بهاته الكلمة إنطلاقا من مسؤوليّتي المتعلقة بالسّهر على إحترام أحكام الدّستور و ذلك لأُؤَكّد على إلتزام الدّولة:
- بحياد الإدارة على المستوى الوطني و الجهوي و المحلّي و توفير الظّروف الملائمة لِتَتِمَّ الحملةِ الإنتخابيةِ و عمليّة الإقتراعِ في مناخٍ اجتماعيّ و سياسيّ مستقرِّ و هادئٍ.
- كما أودّ التّأكيد على أنّ الإنتخابات الحرّة كما حدّدها الدّستور هي الإنتخابات الّتي تضمَن مبدأ المساواة بين المترشّحين فيما يخصّ الدّعاية الإنتخابيّة و حملاتها و وسائلِها ممّا يستوجب حياد أماكن العبادة و وسائل الإعلام الوطنيّة الّتي ننتظر منها تغطية نزيهة و مسؤولة و متكافئة.
- إنّ تكافؤ الفرص بين المترشّحين يُضْفِي على العمليّة الإنتخابيّة طابع الشّفافيّة و النّزاهة الأمر الذي يضمن شرعيّة نتائجها المعبّرة بالضّرورة على إرادة النّاخب.
- و ما من شكّ أنّ للهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات و الهيئة العليا للإتصال السّمعي البصري و المنظّمات الوطنيّة و مكوّنات المجتمع المدني دور فعّال في مراقبة مدى احترام مبادئ حياد الإدارة و دُورِ العبادة، و السّير العادي للعمليّة الإنتخابية وفق القانون.
- و إنّي أُحَيِّي بالمناسبة الدّوْر الذي تقوم به المؤسّستيْن الأمنيّة و العسكريّة في تأمين العمليّة الإنتخابيّة و حسن سيْرها مع حفظ أمن المواطنين.
- كما أدعو المتنافسين في هذه الإنتخابات بالتّحلّي بروح المسؤوليّة و إجتناب كلّ ما من شأنه أن يؤدّي إلى العنف أو الإستفزاز أثناء الحملة الإنتخابيّة و يوم الإقتراع، حتّى تَتِمَّ هذه الإنتخابات بما يبرز السّلوك الحضاري للشّعب التّونسي و يعزّز مكانة تونس بين الأمم.
- كما أتوجّه بهذه المناسبة إلى النّاخبين لأؤكّد أنّ هذه الإنتخابات هي إقرار بسلطة الشّعب و أنّ نتائج هذا الإقتراع يمثّل تعبيرا عن إرادتهم و عن طموحاتهم في تحسين ظروف عيشهم في الحاضر و تأمين مستقبل أبنائهم، و أدعوهم جميعا، نساء و رجالا، شبّانا و كهولا، إلى ممارسة حقّهم و واجبهم بالمساهمة الفعليّة و الكاملة في هذه الإنتخابات، ذلك أنّ المسؤوليّة الأولى في هذه الإنتخابات تعود إلى المواطنين و إلى وَعْيِهِم بدقّة المرحلة الّتي نعيشها و إلى حسن إختيارهم لمن سيتولّى قيادة تونس و يضطلع بصيانة مكاسبها و تمتين وحدتها و دعم خياراتها في تأمين الحريّات و تجذير الديمقراطيّة و إرساء العدالة الإجتماعيّة.
- و لا ننسى في الختام، أنّ الإنتخابات ليست سوى محطّة في حياة الشّعوب و أن التّداول على السلطة أمر مهمّ في حد ذاته، لكنّ الأهم هو أن تَؤُول هذه الإنتخابات إلى دعم ثقة الشّعب في الدّولة و مؤسّساتها و ذلك بهدف تحقيق مزيد من الإستقرار و الإزدهار في كنف التّضامن الوطني.
عــــــــــــــاشت الجمهورية.
عاشت تونس حرّة مستقلّة أبد الدهر.
و السّـــــــــــــــــلام”