- القضاة يشكون غرف بن سدرين المغلقة و ورشاتها المدفوعة…. و هم قادرون على تجاوز هذه المهازل…!!
يعتبر الأستاذ الصادق شعبان مرجعا قانونيا دوليا و هو وزير العدل السابق الذي سبق له أن درس في الجامعة التونسية و تخرج على يديه عدد هام من المحامين و القضاة و العاملين في المرفق القضائي بصفة عامة…
و تعتبر شهادته مرجعا بعد كل لحق المرفق القضائي من هون و عبث خلال السنوات الأخيرة و منذ التسونامي.
في هذه التدوينة التي تحتوي على حقائق صادمة تخص بالدرجة الأولى القضاء الأستثنائي (الذي تسيطر عليه رئيسة هيئة الحقيقة و الكرامة المثيرة للكثير من الجدل و الأنتقادات الجدية) يتعرض الأستاذ الصادق شعبان إلى جزئيات و حقائق خطيرة.
و فيما يلي النص الكامل للتدوينة :
هذه الكلمات الى السادة القضاة .
سلك عرفته و لم اعد اعرفه تماما .
درست مع العديد منهم و كانوا خير قضاة .
درٌست العديد منهم و اشعر بفخر لما القاهم من جديد .
تعاملت معهم كوزير لخمس سنوات و امل الا اكون خلفت انطباعا سيئا .
بعد 14 جانفي مباشرة ، لم اعد افهم البعض ، و لكنى ارتحت للكثيرين.
اليوم تسيس السلك و هذا خطير .
الامتحان الكبير المسه الآن في معالجة ما يسمى قضايا بت سدرين.
بقدر ما كان القضاء العادي واضحا صارما متمسكا بالاصول لطيفا صريحا عادلا مشرفا ما عدا حالات قلة ،
كان القضاء الاستثنائي متوترا مرتبكا مبعثرا.. احس ان عليه ضغوطات ، و احس في نفس الوقت انه يريد التخلص منها و يجتهد في إعمال القانون و تحكيم الضمير .
على الرغم من الهرسلة التكوينية و محاولات التأطير على غير اصول الحق نظمتها جهات مشبوهة و مولتها ، الا ان ما اسمع هو ان اغلب قضاة الدوائر ثابتين على العهد .
رغم ذلك ، لا افهم التأخير تلو التأخير، و عدم الاقدام على اعلان عدم الاختصاص و ارجاع الملفات للقضاء العادي .
لقد انتهت المدة الاستثنائية ، و دستوريا لا يجوز تخطي عتبة المدة ، و إلا يتعرض القاضي للتانيب و للعقاب الأخلاقي .
كنت اقول في كل مرة ان يوما ما قضاة شجعان في احد الدوائر المتخصصة سوف يصرخون بقوة و يعلنون ان اللعبة انتهت و ان لا اختصاص لهم لمواصلة النظر في ملفات انتهى اختصاص النظر فيها بانتهاء المدة !
ما زلت أترقب هذا.
و في كل مرة أنتظر صوت الضمير و انتظر صوت الحق و انتظر شجاعة القضاة .
قلت لربما التذكير باعادة قراءة الفصل 148 من الدستور من جديدة اصبحت مفيدة للقضاة . انا ايضا قراءتي الاولى كانت سريعة و قراءتي الثانية منحتني من الفهم الصحيح للفصل و لنية واضع الدستور .
تمعنوا في الفصل .
هو فصل انتقالي ، و ككل حكم انتقالي يفسر بصورة ضيقة لا اجتهاد فيها. هذه اصول التفسير .
و يتضمن الفصل أحكاما استثنائية- فيه تعليق لأخطر الحقوق الا وهي حقوق المحاكمة العادلة . و هنا أيضا، تفسر الاستثناءات بصورة ضيقة جدا .
كنت آمل أن أرى دوائر متخصصة تبادر بترك الملفات التي احيلت عليها في إطار هذا الفصل 148 و تقيدا به .
كنت في كل مرة اتوقع من قضاة الدوائر وقف المهزلة و الانتصار للدولة و لسلطة القضاء ، و الضرب بعرض الحائط الملفات المقدمة. ليس فقط للاخلاات الأخرى من حيث الأصل ، و إنما لانتهاء المدة المحددة بالدستور .
كيف نبقي على قضاء استثنائي دون مدة تنتهي فيها الاستثناءات و يرتاح الناس و تستقر الحقوق ؟
هذا لا يحوز البتة .
المعيار في تحديد المدة ليس إحالة الملف للقاضي ، بل هو الفصل في القضية . و الا لم يعد للحكم الاستثنائي أية شرعية ، و أصبحت الحقوق في الميزان .
كنت متأكدا أن قضاة الدوائر سوف يستاؤون إلى الضغوطات و من الاغراءات و من التدريبات المفبركة و بلغني هذا الصداء ، و كان هؤلاء الخوارج و هؤلاء المرتزقة يملون عليهم ما يجب فعله و بمنطق الانتقام – إنجاحا للتجربة التونسية .
ربيع الخراب…!!
الم نصبح بعد ربيع الخراب فئران تجارب !
لكن قضاة تونس لهم تكوين يفوق المكونيبن المرتزقة ، و لهم ضمائر لا تشتريها اموال منظمات الخراب .
غير أن كل هذا طال اليوم.
9 سنوات بعد التسونامي . كثير و ثقيل… كل شيء توقف و البؤس ازداد و الأمل يندثر … و الأخطر ان الانتقام المضاد بدأ يبرز على الساحة و بوادر حرب خفية في الأفق.
في حين ان الامر سهل لقضاة الدوائر .
لا شيء يحميهم سوى القانون .
لا شيء يريح القضاة غير إرضاء الضمير .
الفصل 148 من الدستور واضح .
المتاكد الآن قراءته من جديد قراءة نصٌية أولا، و التمعن فيه من جديد .
آنه يتحدث عن ” منظومة ” العدالة الانتقالية- هذه هي الكلمة المستعملة ، أى ليست الهيئة فقط ، و إنما الهيئة و الدوائر المتخصصة التي أحدث في إطارها و نظم عملها القانون المشترك للعدالة الانتقالية و جعلها القانون تتلقى الاحالات من الهيئة و التحفيقات الاولى و بالمقابل تلتزم الدوائر باطلاع بن سدرين على ما توصلت إليه اعمالها و من المفروض أن يتضمن التقرير النهائي للهيئة نتائج أعمال الدوائر و التعليق عليها .
هذا يعني أن انتهاء الهيئة هو في نفس الوقت انتهاء لكل المنظومة – بما فيها الدوائر .
المدة الانتقالية حددت دستوريا بأربع سنوات لا يحوز للمنظومة هيئة و دوائر تجاوزها .
الاستثناءات من مبادئ المحاكمة العادلة ربطت في الدستور بنفس المدة، و لا يجوز التمسك بها – يقول الدستور – الا في ” سياق ” هذه المدة . بمعنى ان الاستثناءات لا تمارس خارج المدة ، و لا يجوز التمديد الا بتنقيح الدستور .
حتى التفكير في قانون للخروج من قيود الدستور غير ممكن، لأن الاستثناءات من مبادئ المحاكمة التي وردت في متن الدستور تحتاج إلى تعديل للدستور و لا يمكن الاستثناء من أحكام الدستور بمقتضى قانون !!!
اما اذا ذهبنا إلى الأصل، فحدث و لا حرج .
من ذلك الخرق الفاضح لاتفاقية روما التي أصبحت بعد المصادقة جزءا لا يتجزأ من قانوننا الداخلي و التي تمنع التفصي من مباديء محاكمة أجازها دستور الغنيمة – استهتارا بالمعاهدات و الأعراف الدولية و بعض القواعد الآمرة لقانون الامم ، كأن تعيد محاكمة شخص مرتين لنفس الأفعال أو محاكمته لافعال لم تكن جرائم وقت ارتكابها و هذه أجازها دستور 2014 الذي وضعه كبار القانونيين (sic ) و كبار نشطاء حقوق الإنسان و كبار المنظمات الحقوقية لغرض واحد : الانتقام . و من منطلق التجربة على غرار كما قلنا التجارب على الفئران .
من ذلك ايضا عدم توفر شروط الجريمة ضد الإنسانية ، فلهذه الجريمة أركان اربعة مجتمعة :
– ان تشكل الافعال هجوما جماعيا خطط.له و رتب و شارك فيه المعنيون مع علم لهم بمقاصده ،
– ان يكون الهجوم واسع النطاق ( ملايين و مئات من المنتهكين )
– ان يكون ممنهج اي لتنفيذ سياسية دولة سبق ان تم التعبير عنها و الكتابة فيها او القاء خطب واضحة ، سياسة تقوم على الابادة العرقية او الدينية او الحهوية او لابادة حهة او فئة سياسية بكاملها ،
– ان كون كل من شارك على علم و له دور محدد و منسق في إطار سياسية دولة معلنة كالنازية أو الابرتايد أو الإبادة العرقية ..
ففي قضايا الحال ، لم يكن هناك سياسية دولة معبر عنها في أية وثيقة بل العكس هو الصحيح و الانضمام إلى معاهدة تمنع التعذيب و القبول خاصة بتلقي شكاوي الأفراد الامم المتحدة ينم عن سياسة حقوقية تقدمية ، و لا حصل تنسيق مسبق و توزيع أدوار، و لا كانت التجاوزات في شكل واسع أو عشوائي يستهدف النشطين الإسلاميين كلهم بحكم الدين أو التنظيم و إنما كانت تتبعات أمنية تستهدف اسماء محددة تعد بالعشرات فقط نسبت إليها أفعال إجرامية كحرق حراس باب سويقة أحياء و سكب ماء الفرق المشوه القاتل أو التخطيط لاغتيالات أو لعمليات تفجير ..
هل يعقل أن نشبه تونس بما فعل هتلر باليهود ف ألمانيا ، أو الصرب بالمسلمين في يوغسلافيا، أو التوتسي بالهوتو بروندا، او البيض بالسود في جنوب افريقيا ) – فالنشطين الإسلاميين في العمل السياسي كانوا بمئات الالاف ، و لم يستهدفوا لصفتهم الإسلامية و لا لصفتهم معارضين ، بل هم أفراد لا يتعدون بعض عشرات كانوا قاموا بجرائم محل تفتيش امني أو محكوم عليهم قضائيا ،
أركان غير متوفرة…
ليعلم القضاة أن الجريمة التي أعطيت لهم دروس فيها لا تنطبق ابدا على ما حصل في توتس و ان الاركان تلاربعة غير متوفرة
و هذا اختصاصي الدقيق و كنت القي دروسا فيه في جامعات معروفة في ستراسبورغ و سيراكوزا و سان ريمو .
ما رأيته من تقديم للملفات و من تكييف هو مضحك حقا و محزن في نفس الوقت .
اما اذا قرأت الخلبطة في تطبيق المعاهدات الدولية ، فإن الحزن ينتابك و الاحباط .
انا اعلم ان القضاة يشكون فيما كتب لهم في غرف بن سدرين المغلقة و ورشاتها المدفوعة و المغطاة من منظمات مناوئة .
قضاة تونس الأجلاء :
انتم قادرون على تجاوز هذه المهازل ،
الشعب ينتظركم
التاريخ يراقب و يسجل
أعلنوا التخلي لعدم الاختصاص الزمني
لا تدخلوا في الأصل الذي يدخلكم في متاهات خطيرة
اقول هذا ليس من باب التدخل
اقوله من باب الاختصاص فقط
محبة فيكم
و غيرة على توتس و سمعة العدالة فيها .
لا تنسوا ان هذه المحاكمات هي مرتبطة بالحهاز السري للنهضة .
حوكم عناصر الحهاز السري في السابق ، و ها هو اليوم ينتقم و يريد محاكمة من حاكمو ه.
عاد الجهاز السري اليوم أو طفا على السطح و عاد لأعمال إجرامية و لكن لا أحد اليوم يحاكمه .
هذه من مفارقات الزمان .
من يحاكم من اليوم ؟
هل نحاكم الجهاز السري ، أم نحاكم من قاوم الجهاز السري ؟؟
وحتى يطمئن الضحايا ، فإن أعمال التعويض لن تنتهي بانتهاء الدوائر ، بل هي ترجع إلى المحاكم العادية لتتولى النظر من جديد في الملفات وفق الاجراءات العادية و الضمانات العادية .
اجدد الدعوة إلى القضاة للمبادرة بكل شجاعة بالتخلي عن القضايا المنشورة على اساس إنقضاء المدة ، و التمسك بالفصل 148 من الدستور .
لا حماية للقاضي خارج تطبيق القانون ، و لا ارتياح له خارح إعمال الضمير .