بقلم مريم بن حسين
لقد أصبحت قضية رأي عام و حرية تعبيرو حرية معتقد. نحن نشير طبعا إلى التدوينة التي نشرتها المواطنة التونسية آمنة الشرقي نقلا عن نص كتبته صديقة جزائرية افتراضية لها مما تسبب لها في كم هائل من السب و الشتم و القذف بأبشع النعوت و حتى التهديد بالقتل.
لكنها حظيت أيضا بكم لا يستهان به من التعاطف و الدعم المعنوي من قبل عديد المواطنين و الشخصيات الحقوقية و الكتاب و المثقفين و غيرهم من الفنانين و الصحفيين و الإعلاميين. و من التدوينات الفايسبوكية التي جلبت إليها الإهتمام في هذا الموضوع نذكر بالخصوص ما كتبته الصحفية و الإعلامية و الفنانة و الوجه التلفزي و الإذاعي المعروف مربم بن حسين.
, نظرا لما إتسم به هذا الرأي و الموقف من عمق إرتأينا نشره كاملا لما اعتبرناه إثراء في هذه المسألة و ذلك طبعا بعد استشارة صاحية المقال و هو التالي؛
شخصيا .لا أعتبر ما فعلته هذه الفتاة تحريفا ولا مسّا من القرآن أو المقدسات ..
و لا أشبه ما كتبته بالقرآن أصلا ..
و أن ينجر على ذلك دعوتها وايقافها!!!
في دولة مدنية يكفل دستورها “حرية الضمير “..
و أعارض بشدة أي محاكمة من طرف الدولة أو المجتمع ..
أعتقد أن هناك نقص كبير في المفاهيم ..( ولا أدري كيف ستتم معالجته ) ..
و أتفاجىء في كل مرة أيضا برؤية الانسياق الكبير من قبل العديد من الناس دون وعي ولا ثقافة..كأن الدين في خطر و هم المدافعون عنه بشدة ..
من المضحكات المبكيات،أن من يدافعون على الدين بشراسة : يستعملون مفردات دنيئة وأقسى عبارات الشتم ؛
يصل إلى شتم الذات الالاهية بالوعيد دفاعا عن الدين والأخلاق الحميدة،.. إلى غير ذلك ..
لنعد إلى القرآن الكريم : في الإيمان العميق به وبظروف تنزيله ؛ يجب الايمان أنه لا يُحرّف ولا يُمس أبدا وأن الله ميزه بكونه في حصنه الحصينْ،
محفوظا في عليائه منذ الأزل ويظلّ كذلك إلى أبد الآبدينْ.
و هي اي هاته الفتاة وغيرها – لها أن تقول ما تشاء و ان تعتقد في ما تريد و ان كرهت الدّين أو أحبته وان قدست الله أو لم تقدسه لأنه أمر شخصي جدا يعود إليها فقط ..
يجب أن يفهم الجميع أن لا أحد يفرض شيئا على أحد ..
و كل وسريرته..
و لا أحد يدعي أنّه بأي شكل من الأشكال سيدافع على الدّين ..
فحتى خاتم الأنبياء محمد لم يدافع على الدين الذي أتى به (حسب الروايات التاريخية)
و الحرية الفكرية مكفولة قرآنيا : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ..
“رسالة الغفران” للمعري هل هي مس بالمقدسات اذا؟
المتنبي حاول تقليد القرآن …
المسعدي في سدّه كتب إنجيل صاهبّاء (نص كان يبدو أن ملامحه قرآنية ) ..
عنوان النبي لجبران خليل جبران هل هو اختراع لنبي آخر لم ينزله الله ؟! قطعا لا ..
خطروا على بالي على سبيل المثال
و غيرهم من الكتابات الفلسفية العميقة..
التفكير هو مبدأ الله مع كل رسالاته السماوية..
لذا فالمحاكامات لا تجوز ..
يذهب بعض العقول الضيقة إلى نبذ الآخر بدراية منه أو عن جهل ..
بقمعه باسم الدين وينسون أنه مس من المواطنة في شكلها العميق .
وهذا التصرف يضرب الشعور بالامان و العيش المشترك ..
( و رأينا جليا ذلك حتى مع اليهود التونسيين ..وكانت لي تجربة في بعض مواقف من هذا النوع عندما لعبت في الدراما التونسية دور فتاة يهودية تونسية..وكمية الشتم et la non tolérance التي انهالت علي والتي فاجئتني وقتها لاني لم أكن واعية بكل ذلك .. )
..و رأيت تعصب بعض المسلمين لدين الإسلام دون أي دين آخر وهي التي لا تعطي النظرة المطلوبة عن الدين الإسلامي( من رأفة و سماحة و حلم ( بكسر الحاء ) )
اليوم أكثر من أي وقت مضى لا بد من العودة الى مبدإ المواطنة من جديد،
و فيه يسكن المؤمن مع غير المؤمن ويتعايشان في احترام وسلام
و الدّولة تتدخّل فقط لردع المخالفين، و الخارجين عن القانون..
و ليس بوصفها حاميةََ للدّين.
في تونس الحمد لله أننا في دولة مدنية لها قانون ودستور..
و لسنا في دولة اسلامية تستند على الشريعة ..
فالدّولة التي ستقمع هؤلاء اليوم باسم الدّين، ستأتي على الجميع باسم الدّين وهذا أكثر ما نخشاه.
يجب الانتباه لذلك جيدا
م. ب. ح