أعتبر الدكتور نادر الحمامي أستاذ الحضارة في الجامعة التونسية أن صناديق الزكاة تهديد لوحدة الدولة وهذا نص تدوينته إنّ قضيّة ما يسمّى “صناديق الزكاة” الّتي بدأت في الانتشار أكبر ممّا يتصوّر البعض، إنّها قضيّة خطيرة جدّا تهدّد وحدة الدولة التونسيّة مباشرة و تهدّد نظامها وأقدّر أنّها من أكبر الخطوات نحو تفكيك الدولة و المجتمع على حدّ سواء ولا أرى التهاون أمامها و السكوت عنها إلاّ ضربًا من أمرين:
إمّا عدم تقدير الأمور حقّ قدرها، أو التواطؤ مع مشاريع رجعيّة كان يخطّط لفرضها منذ 2011 عبر دسترة الشريعة و تكريس أشكال التمييز وكسر أسس المواطنة و لكنّها مشاريع و وجهت بالرفض و المقاومة و الصدّ فتراجع أصحابها تحت الضغط ولكن من الخطأ أن نعتبر تراجعهم دائمًا، إذ أنّهم لم ينقطعوا البتّة عن المحاولة و دسّ السمّ في العسل والمخاتلة تنفيذا لمشروعهم الرجعي الظلاميّ بطرق مختلفة عبر أتباعهم و أذنابهم و اللعب على الشعور الساذج و استغلال فقر النّاس و اضطهادهم النفسي و المادّي لتغليف تلك المشاريع البائسة المهينة للكرامة البشريّة بشعارات الدين و ما يعتبر عند عامّة النّاس من ثوابته. نحن نريد وطنا حرّا ينعم فيه المواطنون بكرامتهم و يقاومون فقرهم باكتساب حقوقهم الماديّة والمعنويّة، ولا نريد رعايا يمنّ عليهم من هنا وهناك.
و لا نريد دولة مفكّكة يستغل فيها الشعب المسكين تحت شعارات استساغها من قبيل “الشعب يريد” وهي شعارات لمن يعرف تاريخها وخلفيّاتها لا تقود إلاّ الشعبويّة والفوضى التي تمثّل بالنسبة إلى القوى الرجعيّة أرضيّة ملائمة لتنفيذ مخطّطات الاستعباد تحت مسمّيات التضامن و التآزر و التكافل وغيرها من المصطلحات التي قد لا تعني شيئا في ظلّ غياب الحقوق الأساسيّة التي لا تضمنها سوى دولة المواطنة الحقيقيّة التي لا منّة فيها لأحد على أحد.
الوضع فعلا خطير جدّا و في ذلك استغلال فاحش ولا أخلاقيّ لحاجة الناس لقوتهم وقوت أطفالهم ومستقبلهم لغاية التمكّن من الرقاب و فيه سعي واضح لتركيز المقولات نفسها التي سعى إليها الرجعيّون منذ عقود بمسمّيات مختلفة مع الأهداف نفسها.