أونيفار نيوز ثقافة
تونس – أونيفار نيوز كتب الدكتور محمد المديوني المخرج والكاتب المسرحي والعميد الأسبق للمعهد العالي للفن المسرحي تدوينة مؤلمة حول وضع المسرحيين في تونس اليوم بعد حرمان مسرحيته موش عجب يقدر يصير من المشاركة في مهرجان المسرح المتوسطي بوهران وأعتبر أن ماقامت به الوزارة هو أستخفاف بالمسرحيين وبجهة جندوبة خاصة وهذا نص تدوينته
في فنون الاستخفاف بالمسرح والمسرحيّين التونِسيّين
وزارة الشؤون الثقافيّة نموذجًا
كان من المفترض أن يعتلي فريقُ مسرحيّة ” موش عجب يقدر يصير … لـ” مركز الفنون الدراميّة والرّكحيّة بجندوبة ” رُكْحَ المسرح في مدينة وهران، يوم 03 جويلية 2022 استجابة لدعوة مؤسّسة ” المسرح الوطنِيّ الجزائرِيّ” العتيدة، وأن يلتقي الممثلون بجمهور مهرجان وهران الدّولِيّ للمسرح المتوسِّطيّ؛ إلاّ أنّ البيروقراطيّة المَقيتة لوزارة الشّؤون الثقافيّة رأت عكسَ ذلك وحالت دونَه.
و وَضَعت فريقَ ” موش عجب يقدر يصير …”، و مِن ورائه مركزَ الفنون الدراميّة والرُّكحيّة بجندوبة، مَوضِعًا حرجًا إزاء مهرجان وهران للمسرح المتوسِّطِيّ ومُنظِّميه، باعتبار ما أحدثه غياب المسرحيّة من خلل في البرنامج ( وليس لنا إلّا أن نعتذر لهم كلّ الاعتذار).
ولقد اختارت الوزارة نهج المماطلة المُمَنهجة في التّعامُل مع المراسلات الرّسميّة التي وُجِّهَت إليها في الغَرَضِ، منذ بدايات شهر جوان ( انظر صحبة هذا نُسخة من المُراسَلَتَيْن الموجّهتين إلى الوزارة) واختارت نهج التسويف وعدم الرّد على المُكالمات وعدم تحديد المواعيد للالتقاء بمن يُمكِنه أن يأخذ القرار مهما كان ذلك القرار- كلّما اقترب موعد السفر.
ولقد تجلّى الأمر في الاتصال المُباشِر بمصالح الوزارة المعنيّة – بِمَنْ في ذلك السيّد رئيس ديوان السّيِّدة الوزيرة – الذي قام به الفنّان نور الدّين الورغِي باسم فريق المسرحيّة، سَعيًا إلى استِحثاث تلك المصالح الإداريّة وبحْثًا عن الوسائل الكفيلة بالتغلُّب على الحالة الاستِثنائيّة التي كان يَعيشها مركز الفنون المسرحيّة والرُّكحيّة بجندوبة (بِحكم إعفاء السيّدة الوزيرة لمدير المركز بشكل مُفاجِئٍ لا يخلو من التسرّع أدّى إلى تعطيل نشاطه العادِيّ تعطيلًا لا يبدو أنّ السيّدة الوزيرة واعِية به ومُقَدِّرة لدرجة ضرَرِه؛ ولا تبدو، كذلك، ساعِيةً إلى تجنّبه من خلال تكليف أحد منظوريها في الجهة لِيؤمّن السّير العادِيّ للمؤسّسة ويضمن إنجاز التزاماتها القائمة إزاء مُختَلَف الأطراف المُتَعامَلِ معهم، وخاصّة منهم الفنّانين والموزّعين والمُبَرْمِجين.)
ومثل هذه المماطَلَة المُمَنهجة لا يُمكِن لعاقِلٍ أن لا يرى فيها استخفافًا صريحًا بالمسرح ومؤسّساته و بالمسرحيِّين جميعًا، عامّة، وبفنّاني جندوبة وفنّاناتها، بشكل أخَصّ، بل لا أراني مُبالِغًا إذا ما رأيت في ذلك شيئًا من الازدراء بجهة جندوبة وبمواطنيها، دون استثناء. فكيف يمكِن أن نُفسِّر تعطيل مؤسّسة عمومِيّة بالشكل الذي تمّ به تعطيل سير مركز الفنون المسرحيّة والرُّكحيّة بجندوبة، إن لم يكن قمّة اللامبالاة والاستخفاف؟
و أرى من واجبي، أنا محمد المديوني الكاتب والمُخرِج والعميد الأسبق للمعهد العالي للفنّ المسرحِيّ والمدير العام الأسبق لأيّام قرطاج المسرحيّة ثم لأيام قرطاج السينمائية
و غير ذلك من المواقع… ممّا يطول تِعْدَادَه، أرى من واجبي أن اُعَبّر، من موقع المسؤوليّة، عن استغرابي مِمّا حصُل وعن امتعاضي من مثل هذا النّهج البيروقراطيّ المتّبع من قِبَل وزارة الشؤون الثقافيّة؛ ولا أتوانى في تحميل السيّدة وزيرة الشؤون الثقافيّة، شخْصيًّا، مسؤوليّة ما حدَثَ وما انجرّ عنه لأنّه من المفترَضِ ان تكون المشرِفة على الوزارة والموَجِّهة لها والراسِمة لطرُقِ سيرِها. واُسِرّ في أذنها، خاصّة، وبكلّ مودّة :”إنّ وزراء الثقافة النّاجحين، ولقد عرِفت تونس عدَدًا منهم، هُم مَن يُنصتون إلى المُثقّفين والفنّانين ولا يتجاهلون، خاصّة مراسلاتهم بل يُكلِّفون معاوِنيهم بالإجابة عليها في حينها، هذا إن لم يجيبوا عليها شخصِيًّا. وهم أولائك الذين لا يتعالوْن على مُقترحاتهم ورؤاهم بل يستحِثّونهم على ذلك، و يتحاورون معهم فيها. و وزراء الثقافة النّاجحون هم من يسعون إلى الإسهام في تيسير عمل المبدعين التونسيّين وتوفير ما يسمَح بإشعاع مُنْجزاهم في تونس وخارِجها، ولا أراك تخالفينني الرأي أنّ ذلك هو الذي يبقى، ولا شيء غيره ”
محمد المديوني