-
قيس سعيد يمثل الإسلام الشعبوي…!!؟؟
-
تمويلات ضخمة ل”أخونة” المجتمعات الأوروبية
اونيفار نيوز – ثقافة
تواصل الدكتورة هالة الوردي أستاذة الأدب والحضارة الفرنسية في كلية الآداب والفنون والانسانيات بمنوبة وصاحبة كرسي الفرنكفونية في الأكاديمية الملكية البلجيكية الحفر في التاريخ الاسلامي المبكر وقد كان كتابها الأخير الصادر في باريس جريمة في المسجد الجزء الرابع في سلسلة من الاعمال تابعت فيها مجموعة من الوقائع المفصلية التي وجّهت التاريخ العربي الاسلامي.
عن معركة التنوير والتدافع الاجتماعي كما سماه زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي لتبرير قمع الحريات الخاصة تحدّثت الوردي ل “أونيفار نيوز” ؛
ظاهرة فرض الحجاب على الفتيات الصغيرات ومطاردة المفطرين في رمضان كيف تقرئينها ؟
هذا الفكر المتحجر الظلامي مع الأسف ليس حكرا على حركة الأخوان المسلمين هناك عديد الحركات تدعو إلى هذا التحجّر الفكري والتي تعتمد منهج احتجاز الأطفال كرهائن وملاحقة ومطاردة كل أنسان يمكن ان يمثل الفكر الحر وفي الحقيقة هو ليس فكر حر بقدر ماهي حرية معتقد وحرية شخصية والاخوان المسلمين هم افراز لهذه الظاهرة المتشعبّة والقديمة وهي موجودة من أوائل الثمانينات أقصد بذلك مطاردة المفطرين.
لابد من التنديد بهذه التصرّفات ولابد ان يبقى النقاش مفتوحا لانها قضية رأي عام في السّابق كانت وسائل الاعلام لا تثير مثل هذه القضايا لكن اليوم أصبح النقاش حولها علنيا ليس في تونس فقط بل لاحظت هذا حتى في فرنسا وهنا في بروكسال هناك أحياء كاملة تشبه كابول وقندهار في قلب اوروبا هناك أمكانيات مالية رهيبة توضع على ذمة “الشيوخ” و”الأئمة” لتنفيذ هذا المشروع وهو رهن الحضارة الانسانية في فكر موحد وكلياني ولاحظت هذا في أوروبا وكأنهم يعيشون زمن الثلاثينات مع صعود الفاشية والنازية. وهو ما سميته أنت ب”الأخونة” ؛
هناك انحسار ملحوظ لظاهرة الاسلام السياسي هل توافقين على ذلك ؟
نعم الاسلام السياسي يعيش بدايات النهاية والأستبداد بأسم الدين ظاهرة قديمة جديدة عاشتها كل الأديان وحتى في بعض الدول الاوروبية اليوم هناك صعود للفاشية المسيحية لكن ما يلفت الانتباه أن الاسلام السياسي في طريق النهاية لكن هناك الاسلام الشعبوي وهو أخطر بكثير وهو خليط بين الاسلام السياسي والشعبوية وقيس سعيد يمثّل الاسلام الشعبوي لانه لا يملك منهج فالاسلام السياسي على الاقل له أدبياته ونظيراته ويمكن مقاومته بدراسة وتفكيك منظومته لكن الشعبوية ليس لها حل لأنها تستعمل المشاعر وردود الفعل الشعبية وتزدهر زمن الأزمات الاقتصادية والإيديولوجية وهذان العنصران متوفران في تونس اليوم وهذا سر صعود قيس سعيد وحركة الكرامة وهما اليوم أقوى من حركة النهضة التي تراجعت حتى قبل 25 جويلية منذ تراجعهم في الانتخابات في 2014 و 2019 أثبتت انحسار قاعدتها الشعبية لكن المخيف هي الشعبوية التي لا نستطيع فهمها لأنها غامضة تماما مثل شخصية قيس سعيد لاننا لا نعلم حقيقة المشروع الذي يحمله هو أستغلال لمشاعر البسطاء الدينية أم عقيدة لشخص يعتبر نفسه صاحب مهمة مقدسة كمنقذ وهو شيء مخيف لأنها تمثل فكر كلياني وهذا يذكرنا بموسيلني وهتلر وهذا ما نخشاه أستغلال الدين لبسط هيمنة مطلقة.
المجتمع التونسي والمجتمعات العربية تعيش محنة أنحسار التنوير كيف ترين المستقبل ؟
أعتقد ان هذه الازمة المركبة التي نعيشها ستكون سببا في مزيد أنتشار فكر التنوير لأن مناعة الجسد تزداد صلابة كلما واجه الجراثيم وانا أعتبر ما نعيشه اليوم هو محنة فعلا لكنها ستزيده صلابة وهي محنة لأنها تجربة لقياس مدى فاعلية ونجاعة التنوير وإذا فشل التنوير في الاستفادة من الأزمة ولم يتعلّم من هذه التجربة القاسية التي نعيشها ولم يتطّور ويجب خلق منحى جديد للفكر التنويري من هذه الأزمة.
هناك تحوّل مجتمعي ولابد للفكر التنويري ان يساير هذه التحولات بإعادة ترتيب الأسئلة والاولويات ونحن ننسب أنفسنا للفكر التقدمي يجب أن لا نبقى في حالة صمت واستكانة لأن الزعيم بورقيبة قدّم لنا ثروة بل علينا تطويرها. نحن في محنة كبيرة لكن هي فرصة تاريخية أيضا لتطوير الرؤى والقيم التنويرية.
هناك صعود لليمين المتطرف في العالم ألسنا في حاجة لاستحضار أبن رشد من جديد ؟
اغتيال أبن رشد ليس جديدا وكذلك اغتيال التفكير العقلاني لكن هذا ليس خاصا بالعالم العربي والاسلامي بل ظاهرة كونية لأن الحداثة للأسف لم تف بوعودها وكل ما حلمت به أجيال من عدالة وازدهار وقيم تنوير يمكن ان يمثلها الفكر العقلاني للأسف كل هذا لم يتحقق لا نرى إلا العنف الذي يترجم تفكير بدائي بعيد عن العقل إذا كان عنف مادي أو رمزي وتراجع العقل هو مؤشر يدل على أن العنف الرمزي هو فكر متسلط ومستبد حتى الديمقراطيات في اوروبا تعيش أزمة كبيرة بسبب صعود الشعبويات التي تلعب على المشاعر ولا تخاطب العقل.
في فرنسا عندما صعد ماري لوبان الى الدور الثاني في 2002 كانت هناك صدمة كبيرة للفرنسيين والآن يصعد اليمين المتطرف للدور الثاني مرة أخرى مع قابلية واسعة من الشارع وربما لو لم يصعد للدور الثاني لأستغرب الشارع ذلك.
اندثر الحزب الاشتراكي والحزب الشبوعي أيضا هذا قوس للتأكيد على أن الأزمة تتجاوز تونس ربما نحن نعيشها بطريقة أخطر لأنه لا توجد مؤسسات تحمي الفكر العقلاني لكن الازمة مع الاسف عامة. العقل يجب أن يبرهن على جدارته حتى يفرض نفسه لكن العقل أنهزم عديد المرات لذلك عجز الطب حتى على مواجهة كوفيد لأشهر طويلة وهو ما جعل الناس تعتقد ان العلم عاجز عن أنقاذ البشرية مع الأسف.