كتب الدكتور عميرة علية الصغير تدوينة أشار فيها إلى أن حركة النهضة هي التي تشكل مشكلة اليوم وأجهضت أحلام التونسيين وهذا نص تدوينته :
الإخوان هم الثورة المضادة اليوم وليس الحزب الحر الدستوري
فيقوا على أرواحكم !
البعض بكلّ خفّة يرمي في وجهك “لا فرق بين الخوانجية والدساترة” و يضيف ان “الزغراطة”،ويقصدون عبير موسي، “لا يرجى منها خير” و يعود “فرحا مسرورا لموقعه” وكانه حلّ المشكل الذي تتردى فيه تونس.
أولا أوضح شخصيا لست منتميا لحزب عبير موسي، و ان كنت أساند مواقفه، وهي وحزبها ليسوا في حاجة لي أنا ان ادافع عنهم او أن أجمّل صورتهم.
ثانيا و بتواضع لأني عشت تحت حكم بورقيبة و بن علي و حتى كتبت كباحث أكاديمي في حكمهما ولست في حاجة لمن يذكرني بما جد زمن حكمهما من تعديات على حقوق الانسان او فساد خاصة تحت حكم بن علي، هذا اعرفه وربما بأكثر من الكثيرين.
و اعرف كذلك أن المنهج الاقتصادي و الاجتماعي لما قبل 2011 و حتى بعده هو المنهج الليبرالي لكن ما لا يريد استيعابه الواقفون ضد عبير موسي وحزبها انه ليس هنالك ما يبرر هذا الشطط والعداوة لهذا التيار الوطني المتجدد.
وان الحزب الدستوري هذا الصاعد ليس بالضرورة سيعيد مساوئ حكم بورقيبة او بن علي وهم يصادرون حق الناس في التُغيّر والاستفادة من تجاربهم.
الحزب الدستوري زمن بورقيبة ، مرجع عقيدة الدستوريين الجدد، حزب وطني واجتماعي تقدمي و للدولة فيه دور الرعاية رغم طابعه الاستبدادي، الدستوريون الجدد فعلا انهم لا يقرون بوقوع ثورة ( وربما لهم الحق في ذلك عندما نعرف مبادئها وخواتمها) ولم يتشجعوا لتقديم نقدهم الذاتي ، لكن هم يقرون بحقوق الانسان وبالديمقراطية والدولة المدنية. ولقائل أن يقول “حتى الباجي اعلن ذلك وتحالف مع الإخوان” “وحتى عبير موسي لا ضامن من ان تعيد نفس القلبة”. شخصيا لا أرجم بالغيب و استبعد ذلك.
لماذا؟ لأن هذه المرأة برهنت بمواقفها على حسم واضح و جريء وصادق مع مجاميع الإسلام السياسي وعلى رأسهم الإخوان ولأن تونس بعد 2011 ليست تونس ما قبله وان مياها جرت لن تعود للوراء بسهولة ، حرية التعبير والتنظّم و حركية المجتمع المدني أمور اضحت تقريبا من الثوابت ، وثانيا انا اعلم ان الناس تتغير و تتطور و لماذا نريد تجميد “عبير موسي” في ما كانت عليه كأمينة عامة في” التجمّع”؟
و هذا “التجمع” الذي يحذر منه “مدعي الثورة” انحل و انتهى وابحثوا على نسبة كبيرة منه منتمين وحتى قياديين سوف تجدونهم ضمن حزب الاخوان وتنظيمات اخرى ملتحقين بجيش المصلحيّين وحتى الأمين العام السابق للتجمع هو حاليا الذراع الأيمن للغنوشي.
ثم ان الفعل السياسي هو في باب “فن الممكن”. ما هي وضعية تونس حاليا؟ هي في وضعية رهينة بيد جماعة الاخوان وحلفائهم و تغرق كل يوم في الفقر والتبعية ومهددة بالإفلاس وتحول الدولة ، اذا بقيت قائمة، الى دولة دينية وضرب مدنيتها و قلب المجتمع و نظام حياته وتعليمه الى نظام اخواني.
و ماذا نجد في مواجهة هذا الخطر ؟ اذا استثنينا الاتحاد العام التونسي للشغل ( ان غلّب العقل والمصلحة الوطنيّة) لأن الاخوان وحلفاؤهم يعملون على تحطيمه و توريطه في “حوار وطني” لن يخرج منه سالما و لن يستفيد منه الا جماعة النهضة الذين لن يتورعوا لرد الجميل باستهداف الاتحاد النقابي هذا لأنه يعتبرونه دائما العدو و”عش للملحدين والشيوعيين واعداء الاسلام”(فيقوا يهديكم) ، نجد شتاتا من المستقلين و الحزب الدستوري هذا الذي يهاجمه احد قادة الاتحاد اليوم ولا بديل ثالث موجود و حتى بشائر ولادته تقريبا مستحيلة بعد انفجار الجبهة الشعبية.
ما الحل اذن؟ هو أن يعي الوطنيون الحقيقيون والتقدميون الحقييون والاجتماعيون الحقيقيون بضرورة تكوين جبهة انقاذ تجمع بين التونسيين الوطنيين المؤمنين بتونس الجمهورية تونس التقدمية ، تونس التي فيه دولة قوية وعادلة فعلا وليس خطابا. الحرب المفتوحة على الحزب الحر الدستوري لا تخدم الا “الخوانجية” وان “اليساريين” الذين “يطيّبون” للإخوان سوف يكونون أول ضحايا الاخوان ان احكموا سيطرتهم نهائيا على الدولة و ادعوهم للتعلم من التاريخ في ايران و السودان قبل فوات الأوان…