“#ماذا_فعل_العيوني_باللامركزية_؟
يمكنني الدفع بدون تردد أن أحسن ما ورد بدستور 2014 بابه السابع المتعلق بالحكم المحلي. و لمن درس الأمر عن قرب وترك عنه المسبق من الأفكار المحنطة، و نظر إلى التجارب المقارنة، يوقن أن المضي في اللامركزية هو عين الثورة الحقيقية في نظام الحكم التونسي.
يجب أيضا التأكيد أن اللامركزية لا تستقيم إلا وفقا لقواعد منطقية وأساسية أصلها وحدة الدولة و انصرافها إلى تدبير الشأن المحلي في أبسط مجالاته وهي الأهم للمواطن و الأوكد.
اللامركزية اهتمام بالنظافة والطرقات والصحة الاساسية وأماكن العبادة وتحسين جودة الحياة في الطريق والمدرسة وملعب الكرة والمنتزه، وتنظيم لمسالك التوزيع و الاسواق و سهر على راحة المسن والعاجز وذوي الاحتياجات الاساسية. أي دور أكثر قداسة من هذا الدور ؟ إنما هي اللوثة السياسوية التي ضربت التونسي فجعلته يهتم بالجيوبوليتيكا العالمية وجاره جائع، وبصراعات المحاور الاقليمية بينما لا يجد أطفاله أين يلعبون.
هي أيضا لوثة أصابت المولعين منا بأنفسهم حتى امتهان السياسة، الذين جعلوا من الشأن المحلي البلدي المقدس في اهتمامه بالانسان، شأنا شخصيا يشبع غرائزهم للحكم و التطاوس.
إن كانت الدولة أم الجميع، فالبلدية أخت من لا أخت له، تهتم بشأنه و تسأل عنه وتجلب له الطبيب وتنظف أركان البيت. فما دخل علاقة المواطن بأخته في الصراعات الايديولوجية؟
و لماذا نزج بهموم العالم والسياسة والهوية في علاقة هي للطهر أقرب؟ ألم يقسم المنتخبون المحليون على خدمة الشأن العام المحلي؟ ألم يلتزموا كلهم إثر الانتخابات بترك التوجهات الحزبية خارج أسوار قصر البلدية؟
كنت سأكون أول المشجعين لبوادر الاختلاف ولأفكار جديدة تقطع مع الرأي الواحد والفكر الواحد والنظام الواحد وتفسر الدين كما تريد وتأول القانون كما تريد. لا جاءت الافكار الجديدة ولا تم حقا فتح صندوق للزكاة و اتضح أن الأمر مسرحية سيئة الاخراج قميئة النوايا. لم يضف العيوني شيئا لاحترام المواطن للعمل البلدي بل كان الأمر عكسيا، إذ نشر البلبلة في ذهن جمعي مازال يتحسس الفكرة، و أعطى للمناوئين للمسار اللامركزي فرصة ذهبية للانقضاض عليه و هو في المهد و العود بنا إلى فكرة المركز المهيمن الحاكم بأمره ممن كان هو أول المطبلين له قبل أن تهب رياح ثورة ركبها مع الراكبين. للأسف لم يعد السؤال حول ماذا فعل العيوني للحكم المحلي ذي معنى بل بالأحرى ماذا لم يفعل؟”